للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَدْ يُوَجَّهُ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ) أَيْ وُجُوبَ الْجِهَادِ (لِكَوْنِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (حَرْبًا عَلَيْنَا لَا لِكُفْرِهِمْ وَلِذَا) أَيْ كَوْنِ الْعِلَّةِ كَوْنَهُمْ حَرْبًا عَلَيْنَا (لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ وَالرُّهْبَانُ) إذَا لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الْكُفْرِ بِسَلْطَنَةٍ أَوْ قِتَالٍ أَوْ رَأْيٍ فِيهِ أَوْ حَثٍّ عَلَيْهِ بِمَالٍ أَوْ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ الْحِرَابَةِ (وَقُبِلَتْ الْجِزْيَةُ) مِنْ بَاذِلِيهَا مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا (وَلَزِمَتْ الْمُهَادَنَةُ) أَيْ الْمُصَالَحَةُ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِانْتِفَاءِ حِرَابِهِمْ مَعَ وُجُودِ كُفْرِهِمْ (وَلَا يُنَافِيه) أَيْ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِكَوْنِهِمْ حَرْبًا عَلَيْنَا وُجُوبُهُ لِحِفْظِ الدِّينِ فَإِنَّ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حِفْظِ الدِّينِ لَا يَتِمُّ مَعَ حِرَابَتِهِمْ فَإِنَّهَا مُفْضِيَةٌ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ أَوْ لِفِتْنَتِهِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ فَكَوْنُهُ وَاجِبًا لِحِفْظِ الدِّينِ هُوَ مَعْنَى وُجُوبِهِ لِحِرَابَتِهِمْ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى وَإِنَّمَا يُنَافِيه لَوْ كَانَ وُجُوبُهُ لِمُجَرَّدِ الْكُفْرِ فَإِنَّ عَلَيْهِ يَكُونُ مَا قَالَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ أَخَصُّ ثُمَّ أَوْجَهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ قَتْلِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَمَنْ لَا يُحَارِبُ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَغَيْرِهِمَا (وَ) حِفْظُ (النَّفْسِ بِالْقِصَاصِ) كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] وَتَضَافَرَ عَلَيْهِ مَعَ الْكِتَابِ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

(وَ) حِفْظُ (الْعَقْلِ بِكُلٍّ مِنْ حُرْمَةِ الْمُسْكِرِ) الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ (وَحِّدْهُ) أَيْ الْمُسْكِرِ الثَّابِتِ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ (وَ) حِفْظُ (النَّسَبِ بِكُلٍّ مِنْ حُرْمَةِ الزِّنَا) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ (وَحْدَهُ) الَّذِي هُوَ الْجَلْدُ بِهَذِهِ أَيْضًا وَاَلَّذِي هُوَ الرَّجْمُ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الْأَبْضَاعِ تُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ الْمُفْضِي إلَى انْقِطَاعِ التَّعَهُّدِ مِنْ الْآبَاءِ الْمُفْضِي إلَى انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَارْتِفَاعِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْ الْوُجُودِ (وَ) حِفْظُ (الْمَالِ بِعُقُوبَةِ السَّارِقِ وَالْمُحَارِبِ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَتُسَمَّى هَذِهِ بِالْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَكُلٌّ مِنْهَا دُونَ مَا قَبْلَهُ وَحَصْرُ الْمَقَاصِدِ فِي هَذِهِ ثَابِتٌ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاقِعِ وَعَادَاتِ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَزَادَ الطُّوفِيُّ وَالسُّبْكِيُّ حِفْظَ الْعِرْضِ بِحَدِّ الْقَذْفِ (وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِالضَّرُورِيِّ (مُكَمِّلُهُ مِنْ حُرْمَةِ قَلِيلِ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ وَحَدِّهِ) أَيْ حَدُّ قَلِيلِهَا إذْ قَلِيلُهَا لَا يُزِيلُ الْعَقْلَ وَحِفْظُ الْعَقْلِ حَاصِلٌ بِتَحْرِيمِ السُّكْرِ وَالْحَدِّ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ حُرِّمَ لِلتَّتْمِيمِ وَالتَّكْمِيلِ (إذْ كَانَ) قَلِيلُهَا (يَدْعُو إلَى كَثِيرِهِ) أَيْ الْخَمْرِ بِمَا يُوَرِّثُ النَّفْسَ مِنْ الطَّرَبِ الْمَطْلُوبِ زِيَادَتُهُ بِزِيَادَةِ سَبَبِهِ وَذِكْرُهَا أَمَّا كَمَا هُوَ لُغَةٌ فِيهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمُسْكِرِ (فَيُزِيلُ) كَثِيرُهَا (الْعَقْلَ فَتَحْرِيمُ كُلِّ دَاعِيَةٍ) إلَى مُحَرَّمٍ (مُقْتَضَى الدَّلِيلِ ثَبَتَ الشَّرْعُ عَلَى وَفْقِهِ) أَيْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ (فِي الِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ) فَحَرُمَتْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ فِيهِمَا كَمَا حَرُمَ نَفْسُ الْجِمَاعِ (وَعَلَى خِلَافِهِ) أَيْ وَثَبَتَ الشَّرْعُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ (فِي الصَّوْمِ) فَلَمْ تَحْرُمْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ فِيهِ كَمَا حَرُمَ الْجِمَاعُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ (وَلَمْ يُثْبِتْ) الشَّرْعُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ (فِي الظِّهَارِ فَتَحْرِيمُ الْحَنَفِيَّةِ إيَّاهَا) أَيْ الدَّوَاعِي (فِيهِ) أَيْ فِي الظِّهَارِ (عَلَى وَفْقِهِ) أَيْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ.

(وَهَذَا) الْمَقْصُودُ الضَّرُورِيُّ وَالْمُلْحَقُ بِهِ الْمُكَمِّلُ لَهُ هُوَ (الْمُنَاسِبُ الْحَقِيقِيُّ وَدُونَهَا) أَيْ الضَّرُورِيَّةِ مَقَاصِدُ (حَاجِيَةٌ) وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَنْتَهِ الْحَاجَةُ إلَيْهَا إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ (شُرِعَ) الْحُكْمُ (لَهَا) أَيْ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا (نَحْوُ الْبَيْعِ) لِمِلْكِ الْعَيْنِ بِعِوَضِ مَالٍ (وَالْإِجَارَةِ) لِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضِ مَالٍ (وَالْقِرَاضِ) لِلشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ وَاحِدٍ وَعَمَلٍ فِيهِ مِنْ آخَرَ (وَالْمُسَاقَاةِ) لِدَفْعِ الشَّجَرِ إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ (فَإِنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَشْرُوعَاتِ (لَوْ لَمْ تُشْرَعْ لَمْ يَلْزَمْ فَوَاتُ شَيْءٍ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ) الْخَمْسِ (إلَّا قَلِيلًا كَالِاسْتِئْجَارِ لِإِرْضَاعِ مَنْ لَا مُرْضِعَةَ لَهُ وَتَرْبِيَتِهِ وَشِرَاءِ الْمَطْعُومِ وَالْمَلْبُوسِ لِلْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّسَبُّبِ فِي وُجُودِهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَاحْتِيجَ (إلَى دَفْعِ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا (بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْعُقُودِ فَهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ قَبِيلِ الضَّرُورِيِّ لِحِفْظِ النَّفْسِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ قَدْ يَحْصُلُ بِتَرْكِهَا فَلَا جَرَمَ أَنْ عَدَّهَا الْآمِدِيُّ مِنْهُ (فَالتَّسْمِيَةُ) أَيْ إطْلَاقُ الْحَاجِيِّ عَلَى هَذِهِ الْمَشْرُوعَاتِ (بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ) فَإِنَّ غَالِبَ الشِّرَاءَاتِ وَالْإِجَازَاتِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لَا ضَرُورِيٌّ فَدَعْوَى إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ ضَرُورِيٌّ لَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهَا (وَمُكَمِّلُهَا) أَيْ وَدُونَ الضَّرُورِيَّةِ أَيْضًا مَقْصُودٌ حَاجِيٌّ لَكِنْ لَا فِي نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>