للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ مُكَمِّلُ الْحَاجِيِّ فِي نَفْسِهِ (كَوُجُوبِ رِعَايَةِ الْكَفَّارَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْوَلِيِّ فِي) تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ (الصَّغِيرَةِ) فَإِنَّ أَصْلَ الْمَقْصُودِ مِنْ شَرْعِ النِّكَاحِ.

وَإِنْ كَانَ حَاصِلًا بِدُونِهَا لَكِنَّهُمَا أَشَدُّ إفْضَاءً إلَى دَوَامِ النِّكَاحِ وَإِتْمَامِ الْأُلْفَةِ وَالِازْدِوَاجِ بَيْنَهُمَا وَدَوَامُهُ مِنْ مُكَمِّلَاتِ مَقْصُودِهِ فَوَجَبَ رِعَايَتُهُمَا (إلَّا لِدَلَالَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَدَّهُ عَلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ دُونَهَا) أَيْ رِعَايَتِهَا (كَتَزْوِيجِ أَبِيهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ أَوْ جَدِّهَا الصَّحِيحِ إيَّاهَا (مِنْ عَبْدٍ وَبِأَقَلَّ) مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ وَلَا بِالْمَجَانَةِ وَالْفِسْقِ وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ قُرْبُ الْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ وَهِيَ الدَّاعِيَةُ إلَى وُفُورِ الشُّفْعَةِ مَعَ كَمَالِ الرَّأْيِ ظَاهِرًا فَإِنَّ مَنْ قَامَ بِهِ هَذَا لَا يَتْرُكُ كُلًّا مِنْهُمَا ظَاهِرًا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَرْبُو عَلَى كِلَيْهِمَا وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ لَهَا فِي ذَلِكَ بَاطِنًا وَهَذَا دَلِيلُهُ اُعْتُبِرَ دَلِيلُهُ وَعُلِّقَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ وَمِنْ الْأُمِّ لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ فِي الْعَصَبَاتِ وَنُقْصَانِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ (وَهَذَا) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْحَاجِيِّ وَتُكْمِلُهُ (الْمُنَاسِبُ الْمَصْلَحِيُّ وَغَيْرُ الْحَاجِيِّ تَحْسِينِي) أَيْ مِنْ قَبِيلِ رِعَايَةِ أَحْسَنِ الْمَنَاهِجِ فِي مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ (كَحُرْمَةِ الْقَاذُورَاتِ حَثًّا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْتِزَامِ الْمُرُوءَةِ) وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْصُوفٌ بِتَشْرِيعِ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِهِ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمِ (وَكَسَلَبِ الْعَبْدِ) وَإِنْ كَانَ ذَا دَيْنٍ يَغْلِبُ ظَنُّ صِدْقِهِ (أَهْلِيَّةَ الْوِلَايَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَغَيْرِهِمَا) كَالْإِمَامَةِ الْكُبْرَى لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ عَنْ الْحُرِّ لِكَوْنِهِ مُسْتَسْخَرًا لِلْمَالِكِ مَشْغُولًا بِخِدْمَتِهِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْمَنَاصِبُ الشَّرِيفَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ ضَرُورَةٌ وَلَا حَاجَةٌ وَلَا تَكْمِيلٌ لِإِحْدَاهُمَا بَلْ إجْرَاءٌ لِلنَّاسِ عَلَى مَا أَلِفُوهُ مِنْ الْعَادَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ ذُو فَضَائِلَ وَآخَرُ دُونَهُ فِيهَا اُسْتُحْسِنَ عُرْفًا أَنْ يُفَوِّضَ الْعَمَلَ إلَيْهِمَا بِحَسْبِ فَضِيلَتِهِمَا فَيُجْعَلُ الْأَفْضَلُ لِلْأَفْضَلِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِمَا يَقُومُ بِهِ الْآخَرُ.

(الثَّانِي) انْقِسَامُهَا بِحَسْبِ الْإِفْضَاءِ وَأَقْسَامُهُ (خَمْسَةٌ لِأَنَّ حُصُولَ الْمَقْصُودِ) مِنْ شَرْعِ الشَّارِعِ الْحُكْمُ عِنْدَ الْوَصْفِ لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ لِلْعَبْدِ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ عَنْهُ أَوْ لِكِلَيْهِمَا تَحْصِيلًا لِأَصْلِ الْمَقْصُودِ أَوْ تَكْمِيلًا لَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ جَلْبًا لِلثَّوَابِ أَوْ دَفْعًا لِلْعِقَابِ فِي الْأُخْرَى (أَمَّا) أَنْ يَكُونَ (يَقِينًا كَالْبَيْعِ) الصَّحِيحِ (لِلْحِلِّ) أَيْ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ حَلَالًا لِلْمَالِكِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ يَقِينًا (أَوْ ظَنًّا كَالْقِصَاصِ لِلِانْزِجَارِ) عَنْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ صِيَانَةُ النُّفُوسِ الْمَعْصُومَةِ عَنْ الْهَلَاكِ وَهَذَا يَحْصُلُ ظَنًّا مِنْهُ (لَا لِأَكْثَرِيَّةِ الْمُمْتَنِعِينَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقْدِمِينَ عَلَيْهِ (وَالِاتِّفَاقُ) ثَابِتٌ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ (أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا) وَهَذَانِ فِيهِمَا خِلَافٌ (وَالْمُخْتَارُ فِيهِمَا الِاعْتِبَارُ) ثُمَّ مَا يُسَاوِي فِيهِ حُصُولُهُ وَنَفْيُهُ لَا مِثَالَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى التَّحْقِيقِ بَلْ عَلَى التَّقْرِيبِ (كَحَدِّ الْخَمْرِ) فَإِنَّهُ شُرِعَ (لِلزَّجْرِ) عَنْ شُرْبِهَا لِحِفْظِ الْعَقْلِ (وَقَدْ ثَبَتَ) حَدُّهَا (مَعَ الشَّكِّ فِيهِ) أَيْ فِي الِانْزِجَارِ عَنْ شُرْبِهَا بِهِ لِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ الطِّبَاعِ شُرْبَهَا يُقَاوِمُ خَوْفَ عِقَابِ الْحَدِّ وَعَدَمُ الْمُمْتَنِعِ وَالْمُقْدِمِ مُتَقَارِبَانِ وَلَا قَطْعَ عَادَةً لِغَلَبَةِ أَحَدِهِمَا وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّسَامُحِ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ.

وَأَمَّا مَعَ إقَامَتِهَا فَلَا وَنَحْنُ إنَّمَا نَعْتَبِرُ كَوْنَهُ مُفْضِيًا إلَى الْمَقْصُودِ أَوَّلًا عَلَى تَقْدِيرِ رِعَايَةِ الْمَشْرُوعِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشْرِيعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا رِعَايَةَ الْمَشْرُوعِ لَكَانَ اسْتِيفَاءُ حَدِّ الْخَمْرِ أَقَلَّ مَنْعًا لِلشَّارِبِينَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِلْقَاتِلِينَ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَوْفَ مِنْ إزْهَاقِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ خَوْفِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً (وَرُخْصَةُ السَّفَرِ) شُرِعَتْ (لِلْمَشَقَّةِ وَالنِّكَاحُ) شُرِعَ (لِلنَّسْلِ) كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ وَيَنْهَى عَنْ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا وَيَقُولُ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ» وَقَدْ (جَازَا) أَيْ التَّرَخُّصُ الْمَذْكُورُ وَالنِّكَاحُ (مَعَ ظَنِّ الْعَدَمِ) لِكُلٍّ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالنَّسْلِ (فِي) سَفَرِ (مَلِكٍ مُرَفَّهٍ) يُسَارُ بِهِ عَلَى الْمِحَفَّةِ فِي الْيَوْمِ مِقْدَارًا لَا يُصِيبُهُ فِيهِ نَصَبٌ وَلَا ظَمَأٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ بَلْ يَتَنَعَّمُ فِيهِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ فِي الْإِقَامَةِ.

(وَ) نِكَاحِ (آيِسَةٍ فَعُلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>