للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْمُعْتَبَرَ) فِي كَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً فِي إفْضَائِهِ لِلْحُكْمِ (الْحُصُولُ فِي جِنْسِ الْوَصْفِ لَا فِي كُلِّ جُزْئِيٍّ وَلَا) فِي (أَكْثَرِهَا) أَيْ الْجُزْئِيَّاتِ (أَوْ) يَكُونُ (يَقِينُ الْعَدَمِ كَإِلْحَاقِ وَلَدِ مَغْرِبِيَّةٍ بِمَشْرِقِيٍّ) تَزَوَّجَ بِهَا وَقَدْ (عُلِمَ عَدَمُ تَلَاقِيهِمَا جَعْلًا لِلْعَقْدِ مَظِنَّةَ حُصُولِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ) الْمَجْعُولِ مَظِنَّةً لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْوَلَدِ (عَلَى مَنْ اشْتَرَاهَا) أَيْ الْأَمَةَ (فِي مَجْلِسِ بَيْعِهِ) إيَّاهَا الْآخَرَ مِنْهُ وَلَمْ يَغِيبَا عَنْهُ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا (وَالْجُمْهُورُ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ اعْتِبَارِ هَذَا الطَّرِيقِ (لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمَظِنَّةِ) أَيْ بِمَكَانِ ظَنِّ وُجُودِ الْحِكْمَةِ (مَعَ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمِئِنَّةِ) أَيْ نَفْسِ الْحِكْمَةِ (وَنُسِبَ) فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْبَدِيعِ (إلَى الْحَنَفِيَّةِ اعْتِبَارُهُ) أَيْ هَذَا الطَّرِيقِ (وَلَا شَكَّ فِي الثَّانِي) أَيْ فِي أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَلَدِ الْمَغْرِبِيَّةِ بِالْمَشْرِقِيِّ الْمَذْكُورِ (لِتَعَذُّرِ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْمُلَاقَاةِ) بَيْنَهُمَا بَلْ ثُبُوتُهَا جَائِزٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ كَرَامَةِ الطَّيْرِ أَوْ صَاحِبَ جِنِّيٍّ (وَمُجِيزُهُ) أَيْ هَذَا إنَّمَا هُوَ (أَبُو حَنِيفَةَ لَا هُمَا) أَيْ صَاحِبَاهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ (نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ الْعِلَّةِ) الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ (لَا إلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ) الْعِلَّةُ (مِنْ الْحِكْمَةِ) الَّتِي هِيَ حُصُولُ النَّسْلِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ (أَمَّا لَوْ لَمْ تَخْلُ مَصْلَحَةُ الْوَصْفِ) أَيْ لَمْ تَثْبُتْ الْمَصْلَحَةُ مِنْهُ بَلْ ثَابِتَةٌ فِيهِ (لَكِنْ اسْتَلْزَمَ شَرْعُ الْحُكْمِ لَهَا) أَيْ لِلْمَصْلَحَةِ (مُفْسِدَ تُسَاوِيهَا أَوْ تَرَجُّحِهَا فَقِيلَ لَا تَنْخَرِمُ الْمُنَاسَبَةُ الْمُوجِبَةُ لِلِاعْتِبَارِ) نَعَمْ يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ.

وَهَذَا اخْتِبَارُ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ (وَمُخْتَارُ الْآمِدِيِّ وَأَتْبَاعِهِ الِانْخِرَامُ) فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضَى (لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ مَعَ مُعَارَضَةٍ مَفْسَدَةِ مِثْلِهَا وَمَنْ قَالَ بِعْهُ بِرِبْحِ مِثْلِ مَا تَخْسَرُ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ (عُدَّ) قَوْلُهُ هَذَا (خَارِجًا عَنْ تَصَرُّفِ الْعُقَلَاءِ قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الِانْخِرَامِ (لَا تُرَجِّحُ مَصْلَحَةٌ) صِحَّةَ (الصَّلَاةِ فِي) الْأَرْضِ (الْمَغْصُوبَةِ) عَلَى حُرْمَةِ مَفْسَدَتِهَا فِيهَا بَلْ هِيَ إمَّا مُسَاوِيَةٌ لِلْمَفْسَدَةِ أَوْ دُونَهَا وَقَدْ جَازَتْ فِيهَا فَظَهَرَ أَنَّ رُجْحَانَ الْمَصْلَحَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ (وَإِلَّا) لَوْ رَجَحَتْ مَصْلَحَتُهَا عَلَى مَفْسَدَتِهَا (أُجْمِعَ عَلَى الْحِلِّ) لَهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْسَدَةِ الْمَرْجُوحَةِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ (أُجِيبُ لَمْ يَنْشَأْ) أَيْ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَفْسَدَةُ (مِنْ) شَيْءٍ (وَاحِدٍ كَالصَّلَاةِ) فَلَمْ تَنْشَأْ الْمَفْسَدَةُ مِنْهَا بَلْ مِنْ الْغَصْبِ وَلِذَا لَوْ شَغَلَهَا بِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَانَتْ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةً وَالْمَصْلَحَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْغَصْبِ بَلْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَوْ نَشَآ مَعًا مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ وَجَبَ أَنْ لَا تَصِحَّ قَطْعًا (وَإِذَا لَزِمَ) فِي عَدَمِ انْخِرَامِ الْمُنَاسَبَةِ (رُجْحَانُهَا) أَيْ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرَجِّحِ (فِي تَرْجِيحِ إحْدَاهُمَا) وَالْوَجْهُ فِي تَرْجِيحِهَا أَيْ الْمَصْلَحَةِ (عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا) أَيْ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَفْسَدَةِ أَوْ مَا كَانَتْ النُّسْخَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَهُوَ فَلَهُ أَيْ لِلتَّرْجِيحِ فِي تَعَارُضِهِمَا (طُرُقٌ تَفْصِيلِيَّةٌ فِي خُصُوصِيَّاتِ الْمَسَائِلِ تَنْشَأُ) تِلْكَ الطُّرُقُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْمَسَائِلِ (وَ) طَرِيقٌ (إجْمَالِيٌّ شَامِلٌ) لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ (يُسْتَعْمَلُ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ) وَهَذَا الطَّرِيقُ الْإِجْمَالِيُّ هُوَ (لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ رُجْحَانُهَا) أَيْ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ (هُنَا) أَيْ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ (لَزِمَ التَّعَبُّدُ الْبَاطِلُ) أَيْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ لَا لِمَصْلَحَةٍ وَهَذَا (بِخِلَافِ مَا قَصُرَ) الْفَهْمُ (عَنْ دَرْكِهِ) مِنْ الْأَوْصَافِ الصَّالِحَةِ لِإِنَاطَةِ الْأَحْكَامِ بِهَا إذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ فِي مَحَالِّهَا الْوَارِدَةِ فِيهِ فَإِنَّ ثُبُوتَهَا فِيهِ تَعَبُّدٌ صَحِيحٌ.

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَصْفِ عِنْدَ رُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَقَعْ عَلَى إلْغَاءِ الْوَصْفِ عِنْدَ رُجْحَانِ الْمَفْسَدَةِ (قِيلَ وَوُقُوعُ الِاتِّفَاقِ عَلَى الِاعْتِبَارِ عِنْدَ رُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ دُونَ الْإِلْغَاءِ لِرُجْحَانِ الْمَفْسَدَةِ) أَيْ وَلَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ عِنْدَ رُجْحَانٍ لِمَفْسَدَةٍ (لِشِدَّةِ اهْتِمَامِ الشَّارِعِ بِرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ وَابْتِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهَا فَلَمْ تُهْمَلْ) الْمَصْلَحَةُ (مَرْجُوحَةً عَلَى الِاتِّفَاقِ) أَيْ فَلَمْ يَقَعُ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَصْلَحَةِ إذْ كَانَتْ مَرْجُوحَةً بَلْ كَانَتْ عَلَى الْخِلَافِ.

(وَأَمَّا الثَّالِثُ) أَيْ انْقِسَامُهَا بِحَسْبِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ ذَلِكَ الْوَصْفَ عِلَّةً (فَإِذَا كَانَ الْقَصْدُ اصْطِلَاحَ الْمَذْهَبَيْنِ) لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (فَاخْتَلَفَ طُرُقُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ الْغَزَالِيِّ وَشَيْخِهِ) إمَامِ الْحَرَمَيْنِ (وَالرَّازِيِّ وَالْآمِدِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>