اقْتَصَرْنَا عَلَى) الطُّرُقِ (الشَّهِيرَةِ الْمُثْبِتَةِ وَالْمُنَاسِبُ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ) أَيْ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْوَصْفَ عِلَّةً أَرْبَعَةٌ (مُؤَثِّرٌ وَمُلَائِمٌ وَغَرِيبٌ وَمُرْسَلٌ فَالْمُؤَثِّرُ مَا) أَيْ وَصْفٌ (اُعْتُبِرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِنَصٍّ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (كَالْحَدَثِ بِالْمَسِّ) أَيْ بِمَسِّ الذَّكَرِ فَإِنَّ عَيْنَ الْمَسِّ مُعْتَبَرَةٌ فِي عَيْنِ الْحَدَثِ بِمَا تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ فِي مَسْأَلَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِيمَا عَمّ بِهِ الْبَلْوَى مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» (وَعَلَى) قَوْلِ (الْحَنَفِيَّةِ سُقُوطُ نَجَاسَةِ الْهِرَّةِ بِالطَّوْفِ) فَإِنَّ عَيْنَ الطَّوْفِ مُعْتَبَرَةٌ فِي عَيْنِ سُقُوطِ نَجَاسَةِ الْهِرَّةِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ (فَتَعَدَّى) سُقُوطَ النَّجَاسَةِ (إلَى الْفَأْرَةِ) بِعَيْنِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الطَّوْفُ (وَالْأَوْضَحُ) فِي التَّمْثِيلِ (السُّكْرُ فِي الْحُرْمَةِ) فَإِنَّ عَيْنَ السُّكْرِ مُعْتَبَرٌ فِي عَيْنِ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى نَصٍّ (أَوْ إجْمَاعٍ كَوِلَايَةِ الْمَالِ بِالصِّغَرِ) فَإِنَّ عَيْنَ الصِّغَرِ مُعْتَبَرٌ فِي عَيْنِ الْوِلَايَةِ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَقَدْ يُقَالُ) بَدَلُ مَا اُعْتُبِرَ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ مَا اُعْتُبِرَ (نَوْعُهُ) فِي نَوْعِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (نَفْيًا لِتَوَهُّمِ اعْتِبَارِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (مُضَافًا لِمَحَلٍّ) كَالسُّكْرِ الْمَخْصُوصِ بِالْخَمْرِ وَالْحُرْمَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِهَا فَيَكُونُ لِلْخُصُوصِيَّةِ مَدْخَلٌ فِي الْعِلِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا بِالْمُؤَثِّرِ لِظُهُورِ تَأْثِيرِهِ فِي الْحُكْمِ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ ثُبُوتُهُ بِالِاتِّفَاقِ لِذِكْرِ الْمُرْسَلِ فِي مُقَابِلِهِ وَهُوَ مِنْ الدَّلَائِلِ الْمُخْتَلِفِ فِيهَا وَقَيَّدَ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ أَمْرٌ شُرِعَ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ مُنْحَصِرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ غَيْرَ أَنَّ الْقِيَاسَ لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا لِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي الْأَسْبَابِ (وَالْمُلَائِمُ مَا) أَيْ وَصْفٌ (ثَبَتَ) عَيْنُهُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ عَيْنِ الْحُكْمِ (فِي الْأَصْلِ) بِمُجَرَّدِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ (مَعَ ثُبُوتِهِ اعْتِبَارِ عَيْنِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ (فِي جِنْسِ الْحُكْمِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قَلْبِهِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ ثُبُوتِ جِنْسِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَسُمِّيَ مُلَائِمًا لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ (أَوْ) الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ ثُبُوتِ (جِنْسِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (فِي جِنْسِهِ) أَيْ الْحُكْمِ.
(فَالْأَوَّلُ) أَيْ الْوَصْفُ الثَّابِتُ عَيْنُهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ مَعَ ثُبُوتِ اعْتِبَارِ عَيْنِهِ فِي حُكْمِ الْجِنْسِ (كَالصِّغَرِ فِي حَمْلِ إنْكَاحِهَا عَلَى مَالَهَا فِي وِلَايَةِ الْأَبِ) أَيْ كَكَوْنِ الصِّغَرِ وَصْفًا مُلَائِمًا لِتَرْتِيبِ ثُبُوتِ وِلَايَةِ الْأَبِ لِإِنْكَاحِ الصَّغِيرَةِ عَلَيْهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى مَا لَهَا عَلَيْهِ (فَإِنَّ عَيْنَ الصِّغَرِ مُعْتَبَرٌ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ بِالْإِجْمَاعِ لِاعْتِبَارِهِ) أَيْ الصِّغَرِ (فِي وِلَايَةِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ إجْمَاعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ بِخِلَافِ اعْتِبَارِهِ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِمُجَرَّدِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ حَيْثُ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّهُ لِلصِّغَرِ أَوْ لِلْبَكَارَةِ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي كَوْنِ هَذَا مِثَالًا لِلْمُلَائِمِ نُظِرَ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ أَوَّلًا عَيْنُ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِابْتِدَاءِ جَعْلِ عَيْنِ الْوَصْفِ مُؤَثِّرًا فِي جِنْسِ الْحُكْمِ فَسَقَطَ الْأَصْلُ مِنْهُ فَلَا يَتِمُّ كَوْنُهُ مِثَالًا لَهُ بَلْ هُوَ مِثَالٌ لِلْمُؤَثِّرِ قَالَ (وَصَوَابُ الْمِثَالِ لِلْحَنَفِيَّةِ الثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ عَلَى الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ بِالصِّغَرِ) أَيْ ثُبُوتِ وِلَايَةِ إنْكَاحِ الْأَبِ الثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ قِيَاسًا عَلَى ثُبُوتِ وِلَايَةِ إنْكَاحِهِ الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ بِجَامِعِ الصِّغَرِ (وَعَيْنُهُ) أَيْ الصِّغَرِ اُعْتُبِرَ (فِي جِنْسِهَا) أَيْ الْوِلَايَةِ (لِاعْتِبَارِهِ) أَيْ الصِّغَرِ (إلَخْ) أَيْ فِي جِنْسِ الْوِلَايَةِ بِاعْتِبَارِهِ فِي وِلَايَةِ الْمَالِ لِثُبُوتِهَا لَهُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ (لِأَنَّ إثْبَاتَ اعْتِبَارِهِ) أَيْ الْوَصْفِ عِلَّةٌ (بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فِي الْجِنْسِ) إنَّمَا هُوَ (بِإِظْهَارِهِ) أَيْ اعْتِبَارٍ (فِي) مَحَلٍّ (آخَرَ لَا فِي عَيْنِ حُكْمِ الْأَصْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ اعْتِبَارَهُ فِي عَيْنِ حُكْمِ الْأَصْلِ هُوَ (الْمُؤَثِّرُ) لَا الْمُلَائِمُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَدُّدَ بَيْنَهُمَا وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ التَّقْسِيمُ فَإِنَّهُمَا قَسِيمَانِ وَالْقَسِيمُ مُخَالِفٌ لِلْقَسِيمِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ فِي الْمِثَالِ فَإِنَّ فِيهِ ظَهَرَتْ ثَلَاثَةُ مَحَالِّ الْأَصْلِ وَهُوَ نِكَاحُ الْبِكْرُ وَالْفَرْعِ وَهُوَ نِكَاحُ الثَّيِّبِ وَمَحَلُّ الْجِنْسِ وَهُوَ الْمَالُ.
وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَيْضًا أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْجِنْسِ الْجِنْسَ الْمُجَرَّدَ مِنْ حَيْثُ هُوَ بَلْ مَا ظَهَرَ فِي جُزْئِيٍّ غَيْرِ الْجُزْئِيِّ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute