سُقُوطُ مَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ وَيَتَعَلَّقُ بِالْعَجْزِ بِسَبَبِ ضَعْفِ الْقُوَى حُكْمٌ هُوَ سُقُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَيَتَعَلَّقُ بِالْعَجْزِ النَّاشِئِ عَنْ الْفَاعِلِ بِدُونِ اخْتِبَارِهِ حُكْمٌ هُوَ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ وَهُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَيَتَعَلَّقُ بِالْعَجْزِ النَّاشِئِ عَنْ الْفَاعِلِ مُطْلَقًا حُكْمٌ هُوَ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالتَّرَخُّصُ بِقَصْرِ الصَّلَاةِ وَيَتَعَلَّقُ بِمُطْلَقِ الْعَجْزِ حُكْمٌ فِيهِ تَخْفِيفٌ فِي الْجُمْلَةِ لِلنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْحَرَجِ وَالضَّرَرِ (وَلَا يُشْكِلُ أَنَّ الظَّنَّ بِاعْتِبَارِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَقْوَى لِكَثْرَةِ مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ) فِي الْأَقْرَبِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبْعَدِ مَثَلًا مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْحَسَّاسُ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ النَّامِي وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّامِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْجِسْمُ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْجِسْمُ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ فَمَا يُشَارِكُ الْإِنْسَانَ فِي الْحَيَوَانِيَّةِ يُشَارِكُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِخِلَافِ مُشَارِكِهِ فِي الْجِسْمِيَّةِ أَوْ النُّمُوِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْوَى الْأَوْصَافِ فِي الْعَلِيَّةِ السَّافِلُ وَأَضْعَفَهَا الْعَالِي وَالْمُتَوَسِّطَات مُتَرَتِّبَةٌ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بِحَسَبِ تَرَتُّبِهَا فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ فَمَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى السَّافِلِ فَهُوَ أَقْوَى مِمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعَالِي.
(وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْمُلَائِمِ (شَهَادَةَ الْأُصُولِ) مُرِيدِينَ بِهَا بَعْدَ أَنْ يُقَابِلَ الْوَصْفَ بِقَوَانِينَ الشَّرْعِ فَيُطَابِقَهَا (سَلَامَتُهُ) أَيْ الْوَصْفِ (مِنْ إبْطَالِهِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ تَخَلُّفٍ) لِلْحُكْمِ الْمَنُوطِ بِهِ (عَنْهُ) فِي بَعْضِ صُوَرِ وُجُودِهِ (أَوْ وُجُودِ وَصْفٍ يَقْتَضِي ضِدَّ مُوجِبِهِ) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِنَفْسِ الْوَصْفِ (كَلَا زَكَاةَ فِي ذُكُورِ الْخَيْلِ فَلَا) زَكَاةَ (فِي إنَاثِهَا بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ بِالتَّسْوِيَةِ) بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي سَائِرِ السَّوَائِمِ فِي الزَّكَاةِ وُجُوبًا وَسُقُوطًا لِأَنَّ الْأُصُولَ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى أَحْكَامِهِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ عَلَيْهَا وَامْتِنَاعُهَا مِنْ رَدِّهِ دَلِيلُ عَدَالَتِهِ كَالْعَرْضِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَسُكُوتِهِ عَنْ الرَّدِّ ثُمَّ قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْعَرْضِ عَلَى كُلِّ الْأُصُولِ لِأَنَّ احْتِمَالَ النَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِهِ.
وَقِيلَ أَدْنَى مَا يَجِبُ الْعَرْضُ عَلَيْهِ أَصْلَانِ لِأَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْكُلِّ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَصْلَيْنِ كَمَا فِي الِاقْتِصَارِ فِي تَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ عَلَى اثْنَيْنِ قُلْت وَرَدُّ الْأَوَّلِ لَا شَكَّ فِيهِ لِإِسْقَاطِ الشَّارِعِ الْحَرَجَ فِي الْمُتَعَسِّرِ وَسُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِالْمُتَعَذِّرِ عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَمَنْ شَرَطَ الْعَرْضَ عَلَى كُلِّ الْأُصُولِ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ الْعَمَلِ بِلَا دَلِيلٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ اسْتَقْصَى فِي الْعَرْضِ فَالْخَصْمُ يَقُولُ وَرَاءَ هَذَا أَصْلٌ آخَرُ هُوَ مُعَارِضٌ أَوْ نَاقِضٌ لَا يَدَّعِيه فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَقُمْ عِنْدِي دَلِيلُ النَّقْضِ وَالْمُعَارَضَةِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِإِلْزَامِ الْخَصْمِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ كَانَ الْعَرْضُ تَزْكِيَةً أَوْ كَالتَّزْكِيَةِ فِي الشَّاهِدِ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْعَرْضِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ كَمَا يَكْتَفِي فِي تَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ بِالْوَاحِدِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذَا إنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِمَا يَعْرِضُ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التَّزْكِيَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اثْنَيْنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ وَأَجَابَ مَشَايِخُنَا بِأَنَّ عَدَالَةَ الْوَصْفِ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّأْثِيرِ وَالْفَرْضُ ظُهُورُهُ وَالْعَرْضُ عَلَى الْأُصُولِ لَا يَقَعُ بِهِ التَّعْدِيلُ وَالْأُصُولُ شُهُودٌ لِلْحُكْمِ كَمَا تُوصَفُ الْعِلَلُ بِالْحُكْمِ لَا مُزَكُّونَ فَهِيَ كَثْرَةُ نَظَائِرَ وَذِكْرُ النَّظَائِرِ لَهُ لَا يُحْدِثُ لَهُ قُوَّةً كَالشَّاهِدِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ أَفْعَالُهُ لَا تَظْهَرُ بِهِ عَدَالَتُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ) قَائِلُونَ (التَّعْلِيلُ بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْجِنْسِ وَالْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ وَفِي الْعَيْنِ (مَقْبُولٌ فَإِنْ) كَانَ التَّعْلِيلُ (بِمَا عَيْنُهُ أَوْ جِنْسُهُ) مُؤَثِّرٌ (فِي عَيْنِ الْحُكْمِ فَقِيَاسٌ اتِّفَاقًا لِلُزُومِ أَصْلِ الْقِيَاسِ) فِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ وَيُقَالُ لِمَا تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ إنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ الَّذِي رُبَّمَا يُقِرُّ بِهِ مُنْكِرٌ وَالْقِيَاسُ إذْ لَا فَرْقَ إلَّا بِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ (وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ عَيْنُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْ جِنْسُهُ فِي جِنْسِهِ (فَقَدْ) يَكُونُ قِيَاسًا (بِأَنْ يَكُونَ) مَا عَيْنُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا يَكُونُ (الْعَيْنُ فِي الْعَيْنِ أَيْضًا) فَيُسْتَدْعَى أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ (فَيَكُونُ مُرَكَّبًا) .
وَكَذَا مَا جِنْسُهُ فِي جِنْسِهِ قَدْ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ فِي عَيْنِهِ فَيَكُونُ لَهُ أَصْلٌ فَيَكُونُ قِيَاسًا وَقَدْ لَا فَيَكُونُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُرْسَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute