الَّتِي يَجِبُ قَبُولُهَا لِلْحَنَفِيَّةِ إذْ كُلٌّ مِنْ أَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَقْسَامِ الْمُؤَثِّرِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ) السَّرَخْسِيُّ قَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي (الْكُلُّ قِيَاسٌ دَائِمًا لِأَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ هَذَا الْوَصْفِ (لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَصْلِ قِيَاسٍ) فِي الشَّرْعِ لَا مَحَالَةَ (إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُتْرَكُ لِظُهُورِهِ) كَمَا قُلْنَا فِي إيدَاعِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ بِهَذَا الْوَصْفِ يَكُونُ مَقِيسًا عَلَى أَصْلٍ وَاضِحٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ أَبَاحَ الصَّبِيَّ طَعَامًا فَتَنَاوَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ بِالْإِبَاحَةِ سَلَّطَهُ عَلَى تَنَاوُلِهِ فَتَرَكْنَا ذِكْرَ هَذَا الْأَصْلِ لِوُضُوحِهِ وَرُبَّمَا لَا يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ فَيُذْكَرُ كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِي طَوْلِ الْحُرَّةِ إنَّهُ لَا يَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ: إنَّ كُلَّ نِكَاحٍ يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ الْحُرِّ كَنِكَاحِ الْحُرَّةِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى مَعْنًى مُؤَثِّرٍ وَهُوَ أَنَّ الرِّقَّ يُنَصِّفُ الْحِلَّ الَّذِي يَبْتَنِي عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ شَرْعًا وَلَا يُبَدِّلُهُ بِحِلٍّ آخَرَ فَيَكُونُ الرَّقِيقُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ ذَلِكَ الْحِلُّ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ فِي هَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الْغُمُوضِ فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى ذِكْرِ الْأَصْلِ (وَعَلَى هَذَا) الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ (لَا بُدَّ فِي التَّعْلِيلِ مُطْلَقًا مِنْ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْجِنْسِ فِيهِ) أَيْ الْعَيْنِ (فَإِنَّ أَصْلَ الْقِيَاسِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِتَأْثِيرِ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْجِنْسِ فِي الْعَيْنِ (فَلَا يُعَلَّلُ بِالْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ أَوْ الْعَيْنِ فِي الْجِنْسِ تَعْلِيلًا بَسِيطًا أَصْلًا وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِقْرَاءٍ يُفِيدُهُ) أَيْ هَذَا الْمَطْلُوبَ (ثُمَّ قَوْلُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (بِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ) الْمَذْكُورَةِ (يَشْمَلُ الْعَيْنَ فِي الْعَيْنِ فَقَطْ) كَمَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ الْأَقْسَامَ الْأُخَرَ: جِنْسَهُ فِي عَيْنِهِ فَقَطْ وَجِنْسَهُ فِي جِنْسِهِ فَقَطْ وَعَيْنَهُ فِي جِنْسِهِ فَقَطْ.
(وَمُرَادُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (إذَا ثَبَتَ) التَّأْثِيرُ الْمَذْكُورُ (بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ) أَيْ الْوَصْفَ الْمُعَلَّلَ بِهِ (التَّرْكِيبُ) وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَسِيطِ (وَسَمَّى بَعْضُهُمْ) أَيْ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ الرَّازِيِّ (مَا يُوجَدُ مِنْ أَصْلِ الْقِيَاسِ) أَيْ مَا يَكُونُ لِحُكْمِهِ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَوْعِهِ يُوجَدُ فِيهِ جِنْسُ الْوَصْفِ أَوْ نَوْعُهُ (شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَعَمُّ مِنْ كُلٍّ مِنْ الِاعْتِبَارَيْنِ) أَيْ اعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي النَّوْعِ وَاعْتِبَارِ الْجِنْسِ فِي النَّوْعِ (مُطْلَقًا أَيْ بِصِدْقِ) شَهَادَةِ الْأَصْلِ (عِنْدَهُ) أَيْ مَا يُوجَدُ مِنْ أَصْلِ الْقِيَاسِ أَيْ لِأَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ اعْتِبَارَ نَوْعِ الْوَصْفِ أَوْ جِنْسَهُ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ فَقَدْ وُجِدَ لِلْحُكْمِ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَوْعٍ يُوجَدُ فِيهِ جِنْسُ الْوَصْفِ أَوْ نَوْعُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ يُوجَدُ فِيهِ جِنْسُ الْوَصْفِ أَوْ نَوْعُهُ فَقَدْ وُجِدَ اعْتِبَارُ نَوْعِ الْوَصْفِ أَوْ جِنْسِهِ فِي نَوْعِ الْحُكْمِ لِجَوَازِ عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ لَهُ مَعَ وُجُودِهِ (وَمِنْ الْآخَرِينَ) أَيْ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَعَمُّ مِنْ اعْتِبَارِ الْجِنْسِ فِي الْجِنْسِ وَاعْتِبَارِ النَّوْعِ فِي الْجِنْسِ (مِنْ وَجْهٍ) فَتُوجَدُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ بِدُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيُوجَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ.
وَقَدْ يُوجَدَانِ مَعًا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ إثْبَاتُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ بِدُونِ التَّأْثِيرِ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّلْوِيحِ بِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ التَّحَقُّقَ بِدُونِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ التَّحَقُّقِ بِدُونِ الْمَجْمُوعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعَمَّ مِنْ الْأَوَّلِينَ بِاعْتِبَارِ أَنْ يُوجَدَ فِي الْآخَرِينَ وَبِالْعَكْسِ فَبِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ بِدُونِ التَّأْثِيرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْغَرِيبِ وَهُوَ الْمَرْدُودُ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهُ أَمْ لَا دَلَّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي انْفِكَاكَهُ عَنْ التَّأْثِيرِ فِي الْجُمْلَةِ وَالِانْفِكَاكُ عَنْ التَّأْثِيرِ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّحَقُّقِ بِدُونِ الْمَجْمُوعِ وَنَظَرُ الْمُتَعَقِّبِ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ إذَا لُوحِظَتْ النِّسْبَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى الَّذِي اُعْتُبِرَ فِي الْغَرِيبِ الْمَرْدُودِ (وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَعْنَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ مَا ذَكَرْنَا) أَوَّلًا (ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ لُزُومَ الْقِيَاسِ مِمَّا جِنْسُهُ) أَيْ جِنْسُ عَيْنِ الْوَصْفِ الثَّابِتِ فِي الْأَصْلِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ (فِي الْعَيْنِ) أَيْ عَيْنِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ (لَيْسَ إلَّا بِجَعْلِ الْعَيْنِ) أَيْ عَيْنِ الْوَصْفِ (عِلَّةً) لِذَلِكَ الْحُكْمِ (بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهَا) أَيْ عَيْنِ الْوَصْفِ (الْعِلَّةَ) لِذَلِكَ الْحُكْمِ أَعْنِي بِهَا (جِنْسَهُ) أَيْ جِنْسَ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ (فَيَرْجِعُ إلَى اعْتِبَارِ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ) وَيَنْتَفِي هَذَا الْقِسْمُ فِي التَّحْقِيقِ مَثَلًا إذَا عُلِّلَ عِتْقُ الْأَخِ عِنْدَ شِرَاءِ أَخِيهِ إيَّاهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ أَخُوهُ.
وَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهِ بِتَأْثِيرِ مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْجِنْسُ فِي الْعَيْنِ كَانَ الْمُؤَثِّرُ فِي الْحَقِيقَةِ فِي الْعَيْنِ لَيْسَ إلَّا مِلْكَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَثُبُوتُ الْعِتْقِ مَعَ مِلْكِ الْأَخِ لَيْسَ لِمِلْكِ الْأَخِ بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute