(وَكَالنَّوْمِ) مُضْطَجِعًا وَنَحْوِهِ (لِلْحَدَثِ إذْ الْمُعْتَبَرُ) فِي تَحَقُّقِ الْحَدَثِ (خُرُوجُ النَّجَسِ) مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ أَوْ مِنْ الْبَدَنِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ النَّوْمَ (عِلَّةُ سَبَبِهِ) أَيْ خُرُوجِ النَّجَسِ (الِاسْتِرْخَاءِ) بِالْجَرِّ أَيْ عِلَّةُ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ الْمُوجِبِ لِزَوَالِ الْمَسْكَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْخُرُوجِ لَا عِلَّةُ نَفْسِ الْخُرُوجِ (فَأُقِيمَ) النَّوْمُ (مُقَامَهُ) أَيْ خُرُوجِ النَّجَسِ إقَامَةً لِعِلَّةِ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ مُقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ احْتِيَاطًا فِي الْعِبَادَاتِ (فَكَانَ) النَّوْمُ (عِلَّةً اسْمًا) لِلْحَدَثِ (لِإِضَافَةِ الْحَدَثِ) إلَيْهِ فَيُقَالُ حَدَثُ النَّوْمِ وَحُكْمًا لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَ النَّوْمِ لَا مَعْنًى لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْحَدَثِ إنَّمَا هُوَ الْخُرُوجُ الْمَذْكُورُ (وَإِلَى عِلَّةٍ مَعْنًى فَقَطْ وَهُوَ بَعْضُ أَجْزَاءِ) الْعِلَّةِ (الْمُرَكَّبَةِ) مِنْ وَصْفَيْنِ مُؤَثِّرَيْنِ فِي حُكْمٍ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ (غَيْرَ) الْجُزْءِ (الْأَخِيرِ) مِنْهَا إذْ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُؤَثِّرٌ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ بَلْ إلَى الْمَجْمُوعِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (وَلَيْسَ) هَذَا الْبَعْضُ (سَبَبًا) لِلْحُكْمِ (لَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَرِيقٍ مَوْضُوعٍ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقُوهُ (خِلَافًا لِأَبِي زَيْدٍ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ) السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا سَبَبٌ إذَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ تَتِمَّ الْعِلَّةُ فَكَانَ الْمَبْدَأُ مُعْتَبَرًا لِتَمَامِ الْعِلَّةِ وَكَالطَّرِيقِ إلَى الْمَقْصُودِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْبَاقِي وَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ وُجُودُ غَيْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ فَكَانَ سَبَبًا وَإِنَّمَا ذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ بَلْ لَهُ شَبَهُ الْعِلِّيَّةِ (وَإِنْ لَمْ يَجِبْ) الْحُكْمُ (عِنْدَهُ لِفَرْضِ عَقْلِيَّةِ دَخْلِهِ فِي التَّأْثِيرِ) فِي الْحُكْمِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ سَبَبًا مَحْضًا فَانْتَفَى مَا فِي التَّلْوِيحِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِأَجْزَاءِ الْعِلَّةِ فِي أَجْزَاءِ الْمَعْلُولِ وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ تَمَامُ الْعِلَّةِ فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ انْتَهَى.
إذْ لَا مُخَالَفَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ إذْ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: الْمُؤَثِّرُ تَمَامُ الْعِلَّةِ فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لِلْجُزْءِ أَثَرٌ مَا فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فِي الْعِلِّيَّةِ (وَلِذَا) أَيْ فَرْضِ عَقْلِيَّةِ دَخْلِهِ فِي التَّأْثِيرِ (جَعَلُوا) أَيْ أَصْحَابُنَا (كُلًّا مِنْ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ مُحَرِّمًا لِلنَّسِيئَةِ لِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ بِالْجُزْئِيَّةِ) أَيْ بِسَبَبِ الْجُزْئِيَّةِ لِأَنَّ لِرِبَا النَّسِيئَةِ شُبْهَةَ الْفَضْلِ فَإِنَّ لِلنَّقْدِ مَزِيَّةً عَلَى النَّسِيئَةِ عُرْفًا حَتَّى كَانَ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ نَقْدًا (فَامْتَنَعَ إسْلَامُ حِنْطَةٍ فِي شَعِيرٍ وَ) إسْلَامُ ثَوْبٍ (قُوهِيٍّ فِي) ثَوْبٍ (قُوهِيٍّ) وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى قُوهِسْتَانَ كُورَةٍ مِنْ كُوَرِ فَارِسٍ لِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ (وَالشُّبْهَةُ مَانِعَةٌ هُنَا) أَيْ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ (لِلنَّهْيِ عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ) أَيْ الْفَضْلِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَشَبَهِهِ إلَّا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الرِّيبَةِ أَفَادَ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى حَدِيثِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» فَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ أَيْ مَا يُشَكِّكُ وَيُحَصِّلُ فِيك الرِّيبَةَ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ قَلَقُ النَّفْسِ وَاضْطِرَابُهَا فَهِيَ إذَنْ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ السَّاكِنَةِ ثُمَّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ أَنَّ مَنْ رَوَى الرِّيبَةَ عَلَى حُسْبَانِ أَنَّهَا تَصْغِيرُ الرِّبَا فَقَدْ أَخْطَأَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَلَى هَذَا فَفِي ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ بِهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِأَنَّ حُرْمَةَ النِّسَاءِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَهُوَ أَسْرَعُ ثُبُوتًا مِنْ حُرْمَةِ الْفَضْلِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونُ يَدًا بِيَدٍ» فَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ الَّذِي لَهُ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْفَضْلِ لِأَنَّهَا أَقْوَى الْحُرْمَتَيْنِ وَلَهَا عِلَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي الشَّرْعِ فَلَا يَثْبُتُ بِمَا هُوَ دُونَهَا فِي الدَّرَجَةِ (وَخَرَجَ الْعِلَّةُ حُكْمًا فَقَطْ عَلَى الشَّرْطِ) كَدُخُولِ الدَّارِ (فِي تَعْلِيقِ الْإِيجَابِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ (لِثُبُوتِ الْحُكْمِ) وَهُوَ الطَّلَاقُ (عِنْدَهُ) أَيْ دُخُولِ الدَّارِ (مَعَ انْتِفَاءِ الْوَضْعِ) أَيْ وَضْعِ دُخُولِ الدَّارِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ (وَالتَّأْثِيرِ) لَهُ فِيهِ.
(وَكَذَا الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ السَّبَبِ الدَّاعِي) أَيْ الْحُكْمِ (الْمُقَامِ) مُقَامَ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ (إذَا كَانَ) السَّبَبُ الدَّاعِي (مُرَكَّبًا) مِنْ جُزْأَيْنِ فَصَاعِدًا عِلَّةً حُكْمًا فَقَطْ لِوُجُودِ الِاتِّصَالِ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ لَهُ وَلَا إضَافَةٍ إلَيْهِ وَلَا تَأْثِيرٍ لَهُ فِيهِ وَإِذَا كَانَ السَّبَبُ الدَّاعِي لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهِ فَكَيْفَ بِجُزْئِهِ وَالْمُخْرِجُ لِلْعِلَّةِ حُكْمًا فَقَطْ عَلَى هَذَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute