الْعِلَّةِ (عَلَى) قَوْلِ (مَنْ قَدَّمَ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ) عَلَى الْقِيَاسِ (أَنْ لَا تَكُونَ) الْعِلَّةُ (مُعَدِّيَةً) مِنْ الْأَصْلِ (إلَى الْفَرْعِ حُكْمًا يُخَالِفُ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْعِ (بِشَرْطِهِ) أَيْ تَقْدِيمِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ (السَّابِقِ فِي وُجُوبِ تَقْلِيدِهِ) الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةٍ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي التَّعَارُضِ (وَتَجْوِيزُ كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فِي الْفَرْعِ وَاقِعًا (عَنْ) عِلَّةٍ (مُسْتَنْبَطَةٍ) مِنْ أَصْلٍ آخَرَ فَحِينَئِذٍ لَا تَكُونُ مُخَالِفَةً قَوْلَهُ دَافِعَةً لِلظَّنِّ بِعِلِّيَّةِ مَا جُعِلَ عِلَّةً فِي الْأَصْلِ الَّذِي قُصِدَ تَعَدِّيَةُ حُكْمِهِ إلَى ذَلِكَ الْفَرْعِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُجَوِّزُونَ (وَذَكَرَ عَضُدُ الدِّينِ أَنَّهُ الْحَقُّ) (عِنْدَ هَؤُلَاءِ) الْقَائِلِينَ بِتَقْدِيمِ قَوْلِهِ عَلَى الْقِيَاسِ (احْتِمَالٌ مُقَابِلٌ لِظُهُورِ كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِهِ وَاقِعًا (عَنْ نَصٍّ) فِيهِ (كَمَا سَبَقَ) ثَمَّةَ حَيْثُ قَالَ بَلْ يَفُوتُ فِيهِ احْتِمَالُ السَّمَاعِ وَلَوْ انْتَفَى فَإِصَابَتُهُ أَقْرَبُ إلَخْ فَلَا يَقْدَحُ فِي الْحُجِّيَّةِ ثُمَّ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ قَوْلًا يُدْرَكُ بِالْقِيَاسِ أَمَّا مَا لَا يُدْرَكُ بِهِ فَيُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ عَنْهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الرَّفْعِ.
(وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْعِلَّةِ (عَدَمُ نَقْضِ) الْعِلَّةِ (الْمُسْتَنْبَطَةِ عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهَا فِي مَحَلٍّ) وَلَوْ بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ (لِمَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) وَأَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ (وَأَبِي الْحُسَيْنِ) الْبَصْرِيِّ (إلَّا أَبَا زَيْدٍ) مِنْ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَإِنَّهُ وَأَكْثَرَ الْعِرَاقِيِّينَ أَيْضًا وَمِنْهُمْ الْكَرْخِيُّ وَالرَّازِيُّ وَمَالِكًا وَأَحْمَدَ وَعَامَّةَ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَاخْتَلَفُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ الشَّارِطُونَ عَدَمَ النَّقْضِ فِي صِحَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ (فِي الْمَنْصُوصِيَّةِ فَمَانِعٌ أَيْضًا) عِنْدَهُمْ وَبِهِ قَالَ الْإسْفَرايِينِيّ وَعَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ.
وَقِيلَ إنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَمُجَوِّزٌ) وَهُمْ أَكْثَرُهُمْ (وَالْأَكْثَرُ وَمِنْهُمْ عِرَاقِيُّو الْحَنَفِيَّةِ كَالْكَرْخِيِّ وَالرَّازِيِّ) وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْبَدِيعِ (يَجُوزُ) التَّخَلُّفُ فِي مَحَلٍّ (بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ فِيهِمَا) أَيْ الْمُسْتَنْبَطَةِ وَالْمَنْصُوصَةِ فَقِيلَ يَقْدَحُ مُطْلَقًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَيَعُدُّهُ أَصْحَابُنَا فِي جُمْلَةِ مُرَجَّحَاتِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقُولُونَ عِلَلُهُ سَلِيمَةٌ عَنْ الِانْتِقَاضِ جَارِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا لَا يَصُدُّهَا صَادٌّ ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْمُحَقِّقِينَ (وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُونَ) كَابْنِ الْحَاجِبِ (الْجَوَازَ) لِلنَّقْضِ (فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ إذَا تَعَيَّنَ الْمَانِعُ) مِنْ الْعِلِّيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ وَلَوْ عُدِمَ شَرْطٌ فَإِنَّهُ مَانِعٌ أَيْضًا (وَفِي الْمَنْصُوصَةِ بِنَصٍّ عَامٍّ) يَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ وَيُعَارِضُهُ عَدَمُ الْحُكْمِ فِيهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ فِيهِ (لَكِنْ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) الْمَانِعُ مِنْ الْعِلِّيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ (قُدِّرَ) وُجُودُهُ فِيهِ مِثَالُهُ أَنْ يَرِدَ الْخَارِجُ النَّجَسَ نَاقِضٌ وَيَثْبُتَ أَنَّ الْفَصْدَ لَا يَنْقُضُ فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْفَصْدِ وَوَجَبَ تَقْدِيرُ مَانِعٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (أَمَّا) إذَا كَانَتْ مَنْصُوصَةً (بِقَاطِعٍ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ فَيَلْزَمُ الثُّبُوتُ فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ لِعَدَمِ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْمَدْلُولِ عَنْ دَلِيلِهِ الْقَطْعِيِّ (أَوْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَحَلِّ النَّقْضِ (فَقَطْ فَلَا تَعَارُضَ) لِأَنَّ النَّصَّ الْقَاطِعَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى عَدَمِ عِلِّيَّتِهِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ. وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ إنَّمَا دَلَّ عَلَى عَدَمِ عِلِّيَّتِهِ فِي مَحَلِّ النَّقْضِ وَلَا تَعَارُضَ عِنْدَ تَغَايُرِ الْمَحَلَّيْنِ فَلَا نَقْضَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الدَّلِيلَ دَلَّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِيهِ وَتَخَلُّفَ الْحُكْمِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ عِلِّيَّتِهِ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ (قِيلَ وَلَا فَائِدَةَ فِي قَيْدِ الْقَاطِعِ لِأَنَّ الظَّنِّيَّ كَذَلِكَ) كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ بِقَوْلِهِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْعِلِّيَّةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّقْضِ خَاصَّةً بِظَنِّيٍّ فَلَا تَعَارُضَ أَيْضًا انْتَهَى لِتَغَايُرِ الْمَحَلَّيْنِ وَيَزْدَادُ انْتِفَاءً إنْ كَانَ حُكْمُ مَحَلِّ النَّقْضِ ثَابِتًا بِقَطْعِيٍّ لِأَنَّ الظَّنِّيَّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعِيَّ (وَهَذَا) التَّفْصِيلُ (مُرَادُ الْأَكْثَرِ) بِقَوْلِهِمْ يَجُوزُ بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ فِيهِمَا لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وَيَبْعُدُ مِنْهُمْ مُخَالَفَتُهُ (وَلَيْسَ) هَذَا مَذْهَبًا (آخَرَ) غَيْرَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ.
(وَنُقِلَ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ النَّقْضِ (فِيهِمَا) أَيْ الْمُسْتَنْبَطَةِ وَالْمَنْصُوصَةِ (بِلَا مَانِعٍ) وَعَبَّرَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِلَا يُقْدَحُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ (وَ) جَوَازِ النَّقْضِ (كَذَلِكَ) أَيْ بِلَا مَانِعٍ (فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ فَقَطْ) نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (وَالْحَقُّ نَقْلُ بَعْضِهِمْ) وَهُوَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْكَاكِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute