للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ) مِنْ التَّعْلِيلِ بِعِلَّةٍ مَنْقُوضَةٍ (بِلَا مَانِعٍ) لِأَنَّ الْمَنْقُوضَ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ يَجُوزُ فِيهِمَا أَوْ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ بِلَا مَانِعٍ (الْحُكْمُ بِهِ) أَيْ بِالْمَانِعِ (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) الْمَانِعُ (لِدَلِيلِهِمْ) أَيْ الْمُجَوِّزِينَ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ بِلَا مَانِعٍ (الْقَائِلِ الْمُسْتَنْبَطَةُ عِلَّةٌ) بِمَا يُوجِبُ الظَّنَّ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ مِنْ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَى الْعِلَّةِ تُوجِبُ ظَنَّهَا (وَالتَّخَلُّفُ مُشَكِّكٌ) أَيْ مُوجِبٌ لِلشَّكِّ (فِي عَدَمِهَا) أَيْ الْعِلِّيَّةِ (فَلَا يُوجِبُ ظَنَّ عَدَمِهَا) بَلْ إنَّمَا يُوجِبُ الشَّكَّ فِيهِ (فَإِنَّهُ) أَيْ التَّخَلُّفَ (إنْ) كَانَ (بِلَا مَانِعٍ فَلَا عِلَّةَ) لِاسْتِنَادِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ إلَى عَدَمِ الْمُقْتَضِي (وَ) إنْ كَانَ (مَعَهُ) أَيْ الْمَانِعِ فَالْعِلَّةُ (ثَابِتَةٌ) لِأَنَّ الظَّنَّ كَمَا هُوَ (وَجَوَازُهُمَا) أَيْ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ (عَلَى السَّوَاءِ) وَالظَّنُّ لَا يَرْفَعُ الشَّكَّ فَالتَّخَلُّفُ لَا يُبْطِلُ الْعِلِّيَّةَ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوَجْهُ دَلَالَةِ دَلِيلِهِمْ عَلَى اشْتِرَاطِ تَقْدِيرِهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَنَّ بِلَا مَانِعٍ لَا عِلَّةَ وَمَعَ الْمَانِعِ الْعِلِّيَّةُ ثَابِتَةٌ فَلَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْوَاقِعُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَدَلِيلُ الْعِلِّيَّةِ الْقَائِمُ أَوْجَبَ ظَنَّهَا لَزِمَ اعْتِبَارُ عِلِّيَّتِهَا فَلُزُومُ اعْتِبَارِ عِلِّيَّتِهَا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ الْعِلِّيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ يُوجِبُ مِنْهُمْ تَقْدِيرَهُ مَعَ حُكْمِهِمْ بِقِيَامِ الْعِلِّيَّةِ مَعَ التَّخَلُّفِ بِالضَّرُورَةِ انْتَهَى وَمِثْلُ هَذَا يَجِيءُ فِي الْمَنْصُوصَةِ (وَأُجِيبَ) عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ التَّخَلُّفَ (إنْ) كَانَ (أَوْجَبَ الشَّكَّ فِي عَدَمِهَا) أَيْ الْعِلِّيَّةِ (أَوْجَبَ فِي نَقِيضِهَا) أَيْ الْعِلِّيَّةِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُهُ فِي الْآخَرِ إذْ حَقِيقَةُ احْتِمَالِ الْمُتَقَابِلَيْنِ سَوَاءٌ (فَنَاقَضَ قَوْلَكُمْ) الْعِلَّةُ (مَظْنُونَةٌ) قَوْلَكُمْ الْعِلَّةُ (مَشْكُوكَةٌ) لِأَنَّ الْمَظْنُونَ مَحَلُّ الظَّنِّ وَلَا يَجْتَمِعُ الظَّنُّ مَعَ الشَّكِّ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِتَضَادِّهِمَا وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ قَوْلَكُمْ مَفْعُولُ نَاقَضَ وَ " مَشْكُوكَةٌ " فَاعِلُهُ وَفِي الْحَقِيقَةِ خَبَرُ جُمْلَةِ مَقُولِ الْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ كَمَا رَأَيْت وَالْكَلَامُ الْمُتَنَاقِضُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يُرْفَعُ الظَّنُّ بِالشَّكِّ أَيْ حُكْمُهُ) أَيْ الظَّنُّ (السَّابِقُ لَا يُرْفَعُ شَرْعًا لِطُرُوِّ الشَّكِّ فِيهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِارْتِفَاعِهِ عَنْ الْبَقَاءِ) لِجَوَازِ أَنْ يَجْعَلَ الشَّرْعُ حُكْمَ الضِّدِّ الزَّائِلِ بَاقِيًا بِأَنْ يُجَوِّزَ الصَّلَاةُ مَعَ زَوَالِ ظَنِّ الطَّهَارَةِ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ لَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ نَفْسَ الظَّنِّ لَا يَزُولُ بِنَفْسِ الشَّكِّ فَإِنَّ زَوَالَ الضِّدِّ عِنْدَ طُرُوِّ الضِّدِّ ضَرُورِيٌّ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ اجْتِمَاعُ الظَّنِّ وَالشَّكِّ فِي مُتَعَلِّقٍ وَاحِدٍ (وَلَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ هَذَا الْمُرَادِ (هُنَا) أَيْ فِي مَظْنُونِيَّةِ الْعِلَّةِ وَمَشْكُوكِيَّةِ عَدَمِهَا (لِأَنَّهُ) أَيْ الْكَلَامَ (فِي ظَنِّ الْعِلِّيَّةِ لَا حُكْمِهَا) فَإِذَا زَالَ بِالشَّكِّ لِئَلَّا يَلْزَمَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ حَكَمْنَا بِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ نَعَمْ لَوْ ثَبَتَ مِنْ الشَّارِعِ جَوَازُ الْقِيَاسِ مَعَ زَوَالِ ظَنِّ الْعِلِّيَّةِ بِالشَّكِّ لَتَابَعْنَاهُ وَقُلْنَا فِيهِ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا لَزِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ تَقْدِيرُ الْمَانِعِ) إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ (كَفَاهُمْ) فِي الْجَوَابِ (التَّخَلُّفُ لِمَانِعٍ يُوجِبُ نَفْيَ ظَنِّهَا) أَيْ الْعِلِّيَّةِ (وَالدَّلِيلُ أَوْجَبَهُ) أَيْ ظَنَّهَا (وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا (بِتَقْدِيرِهِ) أَيْ الْمَانِعِ فِي التَّخَلُّفِ إذْ يُعْمَلُ بِالدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لِظَنِّيِّهَا فِي غَيْرِ صُورَةِ النَّقْضِ وَبِالْمُوجِبِ لِلْإِهْدَارِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

(قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ ثَانِيًا (لَوْ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ) لِلْحُكْمِ (بِهَا) أَيْ بِالْعِلِّيَّةِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّخَلُّفِ) لِلْحُكْمِ (عَلَيْهِ) أَيْ ثُبُوتِ الْحُكْمِ (بِهَا) أَيْ بِالْعِلِّيَّةِ (فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ (انْعَكَسَ) أَيْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ التَّخَلُّفِ عَلَيْهِ بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّخَلُّفِ (فَدَارَ أَوْ لَا) يَنْعَكِسُ (فَتَحَكُّمٌ) لِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَلْبُ هَذَا وَهَذَا أَوْجَهُ (أُجِيبَ) بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَلَا ضَيْرَ فِي لُزُومِ الدَّوْرِ الْمَذْكُورِ إذْ هُوَ (دَوْرُ مَعِيَّةٍ) لَا دَوْرُ تَقَدُّمٍ (وَهَذَا) الْجَوَابُ (صَحِيحٌ إذَا أُرِيدَ تَوَقُّفُ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ) كَوْنَهَا عِلَّةً (لَكِنَّ الْكَلَامَ) لَيْسَ فِيهِ بَلْ (فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى عِلِّيَّتِهَا (أَيْ لَوْ تَوَقَّفَ الْعِلْمُ بِالثُّبُوتِ بِهَا أَيْ بِعِلِّيَّتِهَا) تَفْسِيرٌ لِلثُّبُوتِ بِهَا (إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّخَلُّفِ عَلَيْهِ بِهَا فِيهِ انْعَكَسَ فَدَارَ (وَإِذَنْ فَتَرَتُّبٌ) أَيْ فَهُوَ دَوْرُ تَرَتُّبٍ (لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهَا) أَيْ عِلِّيَّتَهَا (إلَّا بِالثُّبُوتِ) أَيْ بِالْعِلْمِ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِهَا (فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي جَمِيعِ صُوَرِ وُجُودِهَا إذْ كَاسِبُ الْعِلْمِ لَا يَكُونُ إلَّا عَالِمًا وَلِذَا قَالَ (فَلَوْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ بِالْعِلِّيَّةِ (الثُّبُوتَ) لِلْحُكْمِ (تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>