للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِهِ نَعَمْ أَصْلُ الِانْعِقَادِ ثَابِتٌ فِي حَقِّهِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهِ (فَجَازَ بِإِجَازَتِهِ وَبَطَلَ بِإِبْطَالِهِ) وَلَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ لَمْ يَلْزَمْ بِالْإِجَازَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ الثَّانِي (وَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ يَمْنَعُ الْمِلْكَ) فِي الْمَبِيعِ (لِلْمُشْتَرِي) وَإِنْ انْعَقَدَ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى التَّمَامِ وَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ الثَّالِثُ (وَ) مَا يَمْنَعُ (تَمَامَهُ) أَيْ الْحُكْمِ لَا أَصْلِهِ (كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ الْمِلْكُ (لَكِنْ لَا يَتِمُّ بِالْقَبْضِ مَعَهُ) أَيْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (وَيَتَمَكَّنُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْفَسْخِ بِلَا قَضَاءٍ وَ) لَا (رِضَاءٍ) فَكَانَ غَيْرَ لَازِمٍ لِعَدَمِ التَّمَامِ وَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ الرَّابِعُ (وَ) مَا يَمْنَعُ (لُزُومَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (كَخِيَارِ الْعَيْبِ يَثْبُتُ) الْحُكْمُ (مَعَهُ تَامًّا) حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ (وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا بِتَرَاضٍ أَوْ قَضَاءٍ) .

وَهَذَا هُوَ الْمَانِعُ الْخَامِسُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ مَرَاتِبُ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَمَّا كَانَ دَاخِلًا عَلَى الْحُكْمِ كَمَا عُرِفَ كَانَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا بِهِ فَيَكُونُ مَعْدُومًا قَبْلَ وُجُودِهِ وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ صَدَرَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا عَنْ الشَّرْطِ فَأَوْجَبَ الْحُكْمَ وَهُوَ الْمِلْكُ لَكِنْ لَمْ يَتِمَّ لِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ، وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ حَصَلَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ بَاتًّا لِتَمَامِ الرِّضَا لِوُجُودِ الرُّؤْيَةِ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَيْبِ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي فَقُلْنَا بِعَدَمِ اللُّزُومِ وَلِهَذَا يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ رَدِّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بَعْدَ التَّمَامِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ مُطْلَقًا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ قَبْلَ التَّمَامِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَأَوْرَدَ بِأَنَّ هَذَا يُشِيرُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْمُدَّعَى الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ كَمَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدُونِ الرِّضَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ يَنْفَرِدُ بِالرَّدِّ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ مُطْلَقًا ثُمَّ كَوْنُ الْمَوَانِعِ خَمْسَةً هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَمُوَافِقِيهِمَا قَالُوا وَالْحَصْرُ فِيهَا اسْتِقْرَائِيٌّ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْعِلَّةُ وَحُكْمُهَا وَلِلْأَوَّلِ مَانِعَانِ وَلِلثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّامِيَ إذَا قَصَدَ الرَّمْيَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصْدِرَ السَّهْمَ مِنْ قَوْسِهِ رَمْيًا أَوْ لَا وَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْعَقِدْ عِلَّةً وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَرْمَى أَوْ لَا وَالثَّانِي هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي حَالَ بَيْنَ الرَّامِي وَالْمَقْصِدِ حَائِلٌ فَالْحَائِلُ مَانِعٌ تَمَامَ الْعِلَّةِ وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَمَّ عِلَّةٌ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِي الْعِلَلِ بَلْ فِي الْمَوَانِعِ ثُمَّ إذَا أَصَابَ السَّهْمُ الْمَرْمَى فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَجْرَحَهُ أَوْ لَا وَالثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ الَّذِي مَنَعَ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ بِدَفْعِهِ بِقَوْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَزُولَ الْجُرْحُ بِالِانْدِمَالِ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي مَنَعَ تَمَامَ الْحُكْمِ وَالثَّانِي هُوَ الثَّالِثُ الَّذِي يَمْنَعُ لُزُومَ الْحُكْمِ وَهَذِهِ قِسْمَةٌ دَائِرَةٌ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَتُفِيدُ الْجَزْمَ وَلَا مَحَالَةَ.

وَالْمَذْكُورُ فِي تَقْوِيمِ الْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَحْدُثُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَالِانْعِقَادِ وَإِلَّا فَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ التَّمَامِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْعِلَّةِ أَوْ الْحُكْمِ وَوَافَقَهُ الْفَاضِلُ الْقَاآنِي عَلَى هَذَا فَقَالَ وَلَوْ جَعَلَ أَقْسَامَ الْمَوَانِعِ أَرْبَعَةً وَجَعَلَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ مِمَّا يَمْنَعُ لُزُومَ الْحُكْمِ لَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفَسْخِ فِيهِمَا كَمَا جَعَلَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ لَكَانَ أَوْجَهَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ يَظْهَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (عَلَى الْخِلَافِ) فِي تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ (فَرْعًا عَلَى مَذْهَبِهِمْ) أَنْفُسِهِمْ وَهُوَ الصَّائِمُ (النَّائِمُ إذَا صُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ فَسَدَ) صَوْمُهُ (عِنْدَهُمْ لِفَوَاتِ رُكْنِهِ) أَيْ الصَّوْمِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ (فَهُوَ) أَيْ فَوَاتُ رُكْنِهِ بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ (عِلَّةُ الْفَسَادِ) لِلصَّوْمِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ مُؤَثِّرٌ فِيهِ الْفَسَادُ وَقَدْ (تَخَلَّفَ) الْفَسَادُ (عَنْهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَوْمِ الشَّارِبِ (النَّاسِي) لِصَوْمِهِ لِأَنَّ بِشُرْبِهِ نَاسِيًا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ (فَالْمُجِيزُ) تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ يَقُولُ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ (لِمَانِعٍ هُوَ الْحَدِيثُ) وَهُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي شَرْطِ حُكْمِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُولًا عَنْ الْقِيَاسِ مِنْ سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنِّي كُنْت صَائِمًا فَأَكَلْت وَشَرِبْت نَاسِيًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتِمَّ صَوْمَك فَإِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَك وَسَقَاك» (مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ) وَهُوَ فَوْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>