للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِالرِّدَّةِ وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ الْآخَرِ (انْتَفَى) قَتْلُ الْقِصَاصِ (بِالْعَفْوِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ طَلَبِ الْقِصَاصِ (أَوْ الْإِسْلَامِ) أَيْ انْتَفَى قَتْلُ الرِّدَّةِ بِالْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ (وَبَقِيَ الْآخَرُ) أَيْ قَتْلُ الرِّدَّةِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَقَتْلُ الْقِصَاصِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَفْوِ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي (عُورِضَ لَوْ تَعَدَّدَتْ) الْأَحْكَامُ فِي هَذِهِ (كَانَ) تَعَدُّدُهَا (بِالْإِضَافَاتِ) إلَى أَدِلَّتِهَا (إذْ لَيْسَ مَا بِهِ الِاخْتِلَافُ) أَيْ اخْتِلَافُهَا (سِوَاهُ) أَيْ إضَافَتِهَا إلَى أَدِلَّتِهَا (وَاللَّازِمُ) أَيْ تَعَدُّدُهَا بِالْإِضَافَاتِ (بَاطِلٌ لِأَنَّ الْإِضَافَاتِ لَا تُوجِبُ تَعَدُّدًا فِي ذَاتِ الْمُضَافِ) وَهُوَ الْحُكْمُ كَالْحَدَثِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) لَوْ أَوْجَبْته (لَوَجَبَ) فِيهِ (لِكُلِّ حَدَثٍ وُضُوءٌ وَكَانَ يَرْتَفِعُ أَحَدُهَا) أَيْ الْأَحْدَاثِ بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ (وَيَبْقَى الْآخَرُ) .

هَذَا (ثُمَّ الْجَوَابُ) عَنْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ (أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَ الْوُضُوءِ لِكُلٍّ وَارْتِفَاعَ أَحَدِهَا بِهِ مَرَّةً دُونَ الْآخَرِ إنَّمَا هُوَ (إلَى الشَّرْعِ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ التَّلَازُمُ بَيْنَ مُسَبَّبَاتٍ فِي الِارْتِفَاعِ) كَالْحَدَثِ الْمُسَبَّبِ عَنْ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ وَالرُّعَافِ مَثَلًا فَإِذَا ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا لَا يَبْقَى الْآخَرُ (وَلَا يُعْتَبَرُ) التَّلَازُمُ فِي الِارْتِفَاعِ (فِي) مُسَبَّبَاتٍ (أُخْرَى) كَالْقَتْلِ الْمُسَبَّبِ عَنْ الرِّدَّةِ وَعَنْ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَعَنْ الزِّنَا إذْ يَرْتَفِعُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَرْتَفِعُ الْآخَرُ ثُمَّ الْجَوَابُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (كَلَامٌ عَلَى السَّنَدِ) أَيْ قَوْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ لِكُلِّ حَدَثٍ وُضُوءٌ إلَى آخِرِهِ (وَالْمَطْلُوبُ) وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ الْمَذْكُورَةُ (ثَابِتٌ دُونَهُ) أَيْ ذِكْرِ السَّنَدِ (لِلْقَطْعِ بِأَنَّ تَعَدُّدَ الْإِضَافَةِ لَا يُوجِبُهُ) أَيْ التَّعَدُّدَ (فِي ذَاتِهِ) أَيْ الْمُضَافِ وَإِلَّا لَزِمَ تَعَدُّدُ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ إذَا عَرَضَتْ لَهُ الْإِضَافَاتُ إلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالْجُدُودَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ ضَرُورِيُّ الْبُطْلَانِ (وَثُبُوتُ ارْتِفَاعِ بَعْضِهِمَا) أَيْ الْأَحْكَامِ (دُونَ بَعْضٍ فِي صُورَةٍ) أَيْ الْقَتْلِ قِصَاصًا وَرِدَّةً (إنَّمَا يَكْفِي دَلِيلًا عَلَى التَّعَدُّدِ) لِلْأَحْكَامِ (فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ بِسَبَبِ خَصِّهَا (لَا فِي غَيْرِهَا كَمَا فِي الْقَتْلِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْقَتْلَيْنِ وَهُوَ الْقَتْلُ بِالرِّدَّةِ (حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يُجْزِئُ فِيهِ الْعَفْوُ وَلَا الْبَدَلُ (وَالْآخَرَ) وَهُوَ الْقَتْلُ قِصَاصًا (حَقُّ الْعَبْدِ) يَجُوزُ لَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَيُجْزِئُ فِيهِ الْعَفْوُ وَالْبَدَلُ.

(وَمَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ حَلَفَ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَبَالَ ثُمَّ رَعَفَ فَتَوَضَّأَ حَنِثَ لَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ بِاتِّحَادِ الْحُكْمِ لَا الْعُرْفِ فِي مِثْلِهِ) إذْ الْعُرْفُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ بَوْلٍ وَرُعَافٍ (تَوَضَّأَ مِنْ الرُّعَافِ وَغَيْرِهِ) وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ (قِيلَ) أَيْ قَالَ الْآمِدِيُّ (وَالْخِلَافُ فِي) الْحُكْمِ (الْوَاحِدِ بِالشَّخْصِ وَالْمُخَالِفُ) فِي جَوَازِ التَّعَدُّدِ (يَمْنَعُهُ) أَيْ الْوَاحِدَ بِالشَّخْصِ (فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ) بَلْ الْحُكْمُ فِيهَا وَهُوَ الْحَدَثُ وَاحِدٌ بِالنَّوْعِ (وَالظَّاهِرُ بَعْدَهُ) أَيْ الْوَاحِدِ الشَّخْصِيِّ (مِنْ الشَّرْعِ وَشَخْصِيَّةِ مُتَعَلِّقِهِ) أَيْ الْحُكْمِ كَمَا عَزَّ مَثَلًا (لَا تُوجِبُهُ) أَيْ تَشَخُّصَ الْحُكْمِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَاحِدِ لَيْسَ إلَّا بِاعْتِبَارِ انْدِرَاجِهِ فِي كُلِّيٍّ كَالزَّانِي مَثَلًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (بَلْ) إنَّمَا يُوجِبُ شَخْصِيَّةَ الْحُكْمِ (مَا) يَكُونُ مَخْصُوصًا بِمُتَعَلِّقٍ خَاصٍّ بِعَيْنِهِ شَرْعًا (كَشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ) فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَا وَحْدَهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مُتَعَلِّقُهَا (وَلَا يَتَعَدَّدُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ هَذَا (عِلَلٌ) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاحِدَ الشَّخْصِيَّ بَعِيدٌ وَالْحَقِيقِيَّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّزَاعُ فِي الْوَاحِدِ النَّوْعِيِّ (وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال) لِلْمُخْتَارِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ (لَوْ امْتَنَعَ) تَعَدُّدُ الْعِلَلِ الْمُسْتَقِلَّةِ (امْتَنَعَ تَعَدُّدُ الْأَدِلَّةِ) لِأَنَّ الْعِلَلَ الشَّرْعِيَّةَ أَدِلَّةٌ لَا مُؤَثِّرَاتٌ (فَقَدْ مُنِعَتْ الْمُلَازَمَةُ) وَأُسْنِدَ الْمَنْعُ كَمَا ذَكَرَ عَضُدُ الدِّينِ (بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْبَاعِثَةَ أَخَصُّ) مِنْ مُطْلَقِ الْأَدِلَّةِ.

وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِلَلَ أَدِلَّةٌ بَاعِثَةٌ لَا مُجَرَّدُ أَمَارَةٍ فَيَصِيرُ حَاصِلُ الْمُلَازَمَةِ لَوْ امْتَنَعَ تَعَدُّدُ الْأَدِلَّةِ الْبَاعِثَةِ لَامْتَنَعَ تَعَدُّدُ الْأَدِلَّةِ فَيَلْحَقُهَا الْمَنْعُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَوَّلِ امْتِنَاعُ الثَّانِي إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَخَصِّ امْتِنَاعُ الْأَعَمِّ فَلَا يَصِحُّ لَامْتَنَعَ تَعَدُّدُ الْأَدِلَّةِ مُطْلَقًا (الْمَانِعُونَ) تَعَدُّدَ الْعِلَلِ قَالُوا (لَوْ تَعَدَّدَتْ) الْعِلَلُ الْمُسْتَقِلَّةُ (لَزِمَ التَّنَاقُضُ وَهُوَ) أَيْ التَّنَاقُضُ اللَّازِمُ (الِاسْتِقْلَالُ) أَيْ اسْتِقْلَالُهَا (وَعَدَمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ اسْتِقْلَالِهَا (لِلثُّبُوتِ) أَيْ لِفَرْضِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ (بِكُلٍّ) مِنْهَا (بِلَا حَاجَةٍ إلَى غَيْرِهِ) مِنْ الْبَاقِيَةِ (وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى أُخْرَى هُوَ (الِاسْتِقْلَالُ وَعَدَمُهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (لِاسْتِقْلَالِ غَيْرِهِ) أَيْ لِفَرْضِ اسْتِقْلَالِ غَيْرِ مَا ثَبَتَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>