للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الْحُكْمُ (بِهِ) أَيْ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ (وَاسْتِغْنَاءِ الْمَحَلِّ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الثُّبُوتِ (فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ لَهُ عَنْ كُلٍّ بِالْآخَرِ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَلِعَدَمِ اسْتِغْنَاءِ الْمَحَلِّ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ لَهُ عَنْ كُلٍّ بِالْآخَرِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَرَتَّبَتْ الْأَوْصَافُ أَوْ وُجِدْت مَعًا وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إلْزَامُ التَّنَاقُضِ فِي الْمَحَلِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ (وَ) لَزِمَ (الثُّبُوتُ) لِلْحُكْمِ (بِهِمَا) أَيْ بِالْعِلَّتَيْنِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الِاسْتِقْلَالِ (لَا بِهِمَا) لِأَنَّ الثُّبُوتَ بِكُلٍّ يَمْنَعُ الثُّبُوتَ بِالْآخَرِ (فِي الْمَعِيَّةِ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى.

(وَ) لَزِمَ (تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ فِي التَّرْتِيبِ) أَيْ فِي حُصُولِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ مَا كَانَ حَاصِلًا بِالْأُولَى وَهَذَا لَازِمٌ آخَرُ فَوْقَ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالْجَوَابُ الِاسْتِقْلَالُ) أَيْ مَعْنَاهُ فِيهَا (كَوْنُهَا بِحَيْثُ إذَا انْفَرَدَتْ ثَبَتَ بِهَا أَيْ عِنْدَهَا) الْحُكْمُ (وَالْحَيْثِيَّةُ) أَيْ وَهَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ ثَابِتَةٌ (لَهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِي الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ) كَمَا فِي الِانْفِرَادِ (لَا) أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ فِيهَا (بِمَعْنَى إفَادَتِهَا الْوُجُودَ كَالْعَقْلِيَّةِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ تُفِيدُ الْوُجُودَ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا تُفِيدُهُ عِلَّةٌ أَصْلًا بَلْ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ جَلَّ وَعَلَا وَبِهَذَا ظَهَرَ وَجْهُ تَفْسِيرٍ بِهَا بِعِنْدِهَا (فَانْتَفَى الْكُلُّ) أَيْ لُزُومُ التَّنَاقُضِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَالُوا) أَيْ الْمَانِعُونَ تَعَدُّدَ الْعِلَلِ مُطْلَقًا (أَيْضًا أَجْمَعُوا) أَيْ الْأَئِمَّةُ (عَلَى التَّرْجِيحِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا) أَهِيَ (الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ) كَمَا تَقَوَّلَهُ أَصْحَابُنَا (أَوْ الطَّعْمُ) كَمَا تَقَوَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ (أَوْ الِاقْتِيَاتُ) كَمَا تَقَوَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ (وَهُوَ) أَيْ التَّرْجِيحُ (فَرْعُ صِحَّةِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ) مِنْهَا إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّرْجِيحِ بَيْنَ مَا يَصْلُحُ وَمَا لَا يَصْلُحُ (وَ) فَرْعُ (لُزُومِ انْتِفَاءِ التَّعَدُّدِ) أَيْ لَوْ جَازَ التَّعَدُّدُ لَقَالُوا بِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقُوا بِالتَّرْجِيحِ لِتَعْيِينِ وَاحِدَةٍ وَنَفْيِ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَبَثًا بَلْ بَاطِلًا.

(وَالْجَوَابُ أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ عَلَى التَّرْجِيحِ (لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْعِلَّةَ (هُنَا) أَيْ فِي الرِّبَا (إحْدَاهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (وَإِلَّا) لَوْ انْتَفَى الْإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا (جَعَلُوهَا) أَيْ الْعِلَّةَ (الْكُلَّ) أَيْ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ صَلَاحِيَّةَ كُلٍّ لِلْعِلِّيَّةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى إلْغَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا جَمِيعًا وَذَلِكَ قَوْلٌ بِجُزْئِيَّةِ كُلٍّ لِلْعِلَّةِ لِيَكُونَ لِكُلٍّ دَخْلٌ فِي الْعِلِّيَّةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ وَجْهِ التَّرْجِيحِ وَقَالَ (الْقَاضِي) حَالَ كَوْنِهِ مُجَوِّزًا فِي الْمَنْصُوصَةِ لَا الْمُسْتَنْبَطَةِ (إذَا نَصَّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْ مُتَعَدِّدٍ) مِنْ الْأَوْصَافِ بِالْعِلِّيَّةِ (فِي مَحَلٍّ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ) أَيْ التَّعَدُّدِ (ارْتَفَعَ احْتِمَالُ التَّرْكِيبِ) لِمُنَافَاتِهِ الِاسْتِقْلَالَ وَالْفَرْضُ وُقُوعُ ذَلِكَ فِي الْمَنْصُوصَةِ فَجَازَ التَّعَدُّدُ فِيهَا (وَمَا لَمْ يَنُصَّ) فِيهِ مِنْ الْأَوْصَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي مَحَلٍّ (مَعَ الصَّلَاحِيَّةِ) أَيْ صَلَاحِيَّةِ كُلٍّ مِنْهَا لِلْعِلِّيَّةِ (بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ) بِخُصُوصِهِ (مِنْ الْجُزْئِيَّةِ) أَيْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ (أَوْ الِاسْتِقْلَالِ) أَيْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً (فَتَعْيِينُ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْجُزْئِيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ (تَحَكُّمٌ) لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ عَلَى السَّوَاءِ فِي نَظَرِ الْعَقْلِ وَفَرْضِ انْتِفَاءِ النَّصِّ عَلَى أَحَدِهِمَا (فَظَهَرَ أَنَّ اعْتِقَادَهُ) أَيْ الْقَاضِي (جَوَازَ التَّعَدُّدِ فِيهِمَا) أَيْ الْمَنْصُوصَةِ وَالْمُسْتَنْبَطَة (غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ) أَيْ التَّعَدُّدِ (فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ لِلِاحْتِمَالِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً وَيَقْدِرُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ فِي الْمَنْصُوصَةِ لِلنَّصِّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ مِنْ التَّعَدُّدِ (فَإِذَا اجْتَمَعَتْ) الْعِلَلُ الْمُسْتَنْبَطَةُ (يَثْبُتُ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ) مِنْ الْجُزْئِيَّةِ وَالِاسْتِقْلَالِ لَا بِنَاءً عَلَى الْجُزْئِيَّةِ عَيْنًا.

(وَالْجَوَابُ مَنْعُهُ) أَيْ لُزُومِ التَّحَكُّمِ عَلَى تَقْدِيرِ تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِجَوَازِ اسْتِنْبَاطِ الِاسْتِقْلَالِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْلِ وَذَلِكَ (بِالْعِلْمِ بِالْحُكْمِ) أَيْ بِثُبُوتِهِ (مَعَ إحْدَاهُمَا فِي مَحَلٍّ كَمَا) يَعْلَمُ ثُبُوتَهُ (مَعَ) عِلَّةٍ (أُخْرَى فِي) مَحَلٍّ (آخَرَ فَيُحْكَمُ بِهِ) أَيْ الِاسْتِقْلَالِ (لِكُلٍّ) مِنْهَا (فِي مَحَلِّ الِاجْتِمَاعِ وَعَاكَسَهُ) أَيْ مَذْهَبُ الْقَاضِي يَقُولُ (يُقْطَعُ فِي الْمَنْصُوصَةِ بِأَنَّهَا الْبَاعِثُ) لِلشَّارِعِ عَلَى الْحُكْمِ لِتَعْيِينِهِ إيَّاهَا لَهُ (فَانْتَفَى احْتِمَالُ غَيْرِهَا) لِلْعِلِّيَّةِ كُلًّا وَجُزْءًا لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا (وَالْمُسْتَنْبَطَة وَهْمِيَّةٌ) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ (لَا يَنْتَفِي فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ احْتِمَالُ غَيْرِهَا لِلْعِلِّيَّةِ جُزْءًا وَكُلًّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ الْمَجْمُوعَ مِنْهُمَا وَأَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>