ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ مَعْدُومٌ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَذَلِكَ هُوَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ عَشَرَةً فَكَانَ هُوَ الشَّرْطُ وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ خِلَافَهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي مِثْلِهِ) يَكُونُ (عَلَى الظُّهُورِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إنْ ظَهَرَ أَنَّ زِنَةَ قَيْدِهِ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ (لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ) أَيْ الشَّرْطِ التَّعْلِيقِيِّ تَعْلِيقٌ (عَلَى مَعْدُومٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَعَلَى كَائِنٍ تَنْجِيزُ) مَعْنًى وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا صُورَةً وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى وَقَدْ أَسْلَفْنَا هَذَا فِي ذَيْلِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ مِنْ مَفَاهِيمِ الْمُخَالَفَةِ فَلْيُسْتَذْكَرْ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ التَّعْلِيقِيَّ قَدْ يُقْصَدُ فِيهِ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَدْ يُقْصَدُ فِيهِ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَالْعِلْمُ بِهِ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ وَأَيًّا مَا كَانَ فَالشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ صُورَةِ الْعِلَّةِ دَائِمًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (فَكَوْنُهُ) أَيْ الْإِحْصَانِ (عَلَامَةً) لِوُجُوبِ الرَّجْمِ (مَجَازٌ) لِتَوَقُّفِ وُجُودِ وُجُوبِ الرَّجْمِ شَرْعًا عَلَى وُجُودِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ وَلَا إفْضَاءٍ وَلَوْ كَانَ عَلَامَةً حَقِيقَةً لَمَا تَوَقَّفَ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِهِ.
(وَلَا تَتَقَدَّمُ الْعَلَامَةُ عَلَى مَا هِيَ) عَلَامَةٌ (لَهُ كَالدُّخَانِ) عَلَامَةٌ عَلَى النَّارِ فَلَا يَتَقَدَّمُ وُجُودُهُ عَلَى وُجُودِهَا قُلْت (وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ) إنْ تَمَّ اشْتِرَاطُ هَذَا فِي الْعَلَامَةِ اصْطِلَاحًا فِيهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ عَلَامَةً عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ سَابِقًا عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ سَابِقًا عَلَيْهِ كَالنَّارِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدُّخَانِ وَقَدْ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ كَالسَّاعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَلَامَاتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَلَامَةَ كَمَا تَكُونُ دَالَّةً عَلَى مَوْجُودٍ فِي الزَّمَانِ السَّابِقِ تَكُونُ دَالَّةً عَلَى مَوْجُودٍ فِي الزَّمَانِ اللَّاحِقِ.
(وَمِنْهُ) أَيْ هَذَا الْقِسْمِ الْمُسَمَّى بِالْعَلَامَةِ (وِلَادَةُ الْمَبْتُوتَةِ) أَيْ الْبَائِنَةِ بِثَلَاثٍ فَمَا دُونَهَا (وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (عَلَامَةُ الْعُلُوقِ السَّابِقِ) عَلَى الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ إذَا أَتَتَا بِهِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ (وَلَوْ) أَتَتَا بِهِ (بِلَا) تَقَدُّمِ (حَبَلٍ ظَاهِرٍ وَلَا اعْتِرَافٍ) مِنْ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ (عِنْدَهُمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (فَقَبِلَا شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ) الْحُرَّةِ الْعَدْلَةِ (عَلَيْهَا) أَيْ الْوِلَادَةِ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ إلَّا فِي تَعْيِينِ الْوَلَدِ وَهُوَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ (وَهِيَ) أَيْ شَهَادَتُهَا (مَقْبُولَةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ» (ثُمَّ ثُبُوتُ نَسَبِهِ) أَيْ الْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ (بِالْفِرَاشِ السَّابِقِ) عَلَى الْوِلَادَةِ وَهُوَ الْقَائِمُ عِنْدَ الْعُلُوقِ (وَعِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (لَيْسَتْ) الْوِلَادَةُ (عَلَامَةً إلَّا مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْحَبَلِ الظَّاهِرِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَاعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِهِ (فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ (دُونَهُ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ عَدَمُ ظُهُورِ الْحَبَلِ وَعَدَمُ اعْتِرَافِهِ بِالْحَبَلِ سَابِقًا (كَالْعِلَّةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ) لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ إلَّا بِهَا (فَيَلْزَمُ النِّصَابُ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِهَا كَمَالُ الْحُجَّةِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْفِرَاشُ قَائِمًا أَوْ الْحَبَلُ ظَاهِرًا أَوْ إقْرَارُ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَتَكُونُ الْوِلَادَةُ حِينَئِذٍ عَلَامَةً مُعَرِّفَةً لَهُ (وَمِثْلُهُ) أَيْ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِ الْوِلَادَةِ عَلَامَةً أَوْ لَا (إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَيْهَا) أَيْ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يَكُنْ حَبَلٌ ظَاهِرٌ وَلَا إقْرَارُ الزَّوْجِ بِهِ فَقَالَتْ وَلَدْت وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوِلَادَةَ فَشَهِدَتْ الْقَابِلَةُ بِهَا (قُبِلَتْ) فِي ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ اتِّفَاقًا.
وَكَذَا فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهَا ضِمْنًا لَا قَصْدًا (عِنْدَهُمَا) اعْتِبَارًا لِجَانِبِ كَوْنِهَا عَلَامَةً (وَعِنْدَهُ) لَا تُقْبَلُ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا بَلْ (يَلْزَمُ النِّصَابُ) لِثُبُوتِهِ اعْتِبَارًا لِجَانِبِ كَوْنِهَا شَرْطًا لَهُ مَحْضًا لِلطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَمْنَعُ انْعِقَادَهُ عِلَّةً لِلْوُقُوعِ إلَى حِينِ وُجُودِهَا وَشَرْطُ الْحُكْمِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِكَمَالِ الْحُجَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَمْ تُقْبَلْ (لِأَنَّهَا) شَهَادَةٌ (عَلَى) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ مَعْنًى) وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَلَيْسَ وُقُوعُهُ حُكْمًا مُخْتَصًّا بِالْوِلَادَةِ لِوُجُودِ الِانْفِكَاكِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا بِخِلَافِ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَثُبُوتِ اللِّعَانِ عِنْدَ نَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِهَا لَازِمٌ لَهَا شَرْعًا فَإِذَا ثَبَتَتْ ثَبَتَ فَلَا امْتِنَاعَ فِي ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَالْحُكْمِ الْمُخْتَصِّ بِهَا لَا فِي حَقِّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (كَمَا عَلَى ثِيَابَةِ أَمَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute