للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقِيقِيِّ أَضْبَطَ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَلَى هَذَا فَالتَّعْلِيلُ بِالْحِكْمَةِ رَاجِحٌ عَلَيْهِ بِالْأَوْصَافِ الْإِضَافِيَّةِ وَالتَّقْدِيرِيَّة لِأَنَّهَا عَدَمِيَّةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (ثُمَّ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِهِ لِلْحُكْمِ الْوُجُودِيِّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْعَدَمِيِّ لِلْعَدَمِيِّ أَوْ لِلْوُجُودِيِّ وَبِالْوُجُودِيِّ لِلْعَدَمِيِّ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ لِأَنَّ الْعِلِّيَّةَ وَالْمَعْلُولِيَّة وَصْفَانِ ثُبُوتِيَّانِ فَحَمْلُهُمَا عَلَى الْمَعْدُومِ لَا يُمْكِنُ إلَّا إذَا قُدِّرَ الْمَعْدُومُ مَوْجُودًا وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُمَا عَدَمِيَّانِ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لِكَوْنِهِمَا مِنْ النِّسَبِ وَالْإِضَافَاتِ ثُمَّ يَلِي هَذَا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ تَعْلِيلُ الْعَدَمِيِّ بِالْعَدَمِيِّ لِلْمُشَابَهَةِ وَتَوَقَّفَ هُوَ وَصَاحِبُ التَّحْصِيلِ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْعَدَمِيِّ بِالْوُجُودِيِّ وَعَكْسِهِ.

وَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ بِأَنَّ تَعْلِيلَ الْعَدَمِيِّ بِالْوُجُودِيِّ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ هَذَا وَهَلْ يَتَرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِيِّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَفِي الْمَحْصُولِ وَالْحَاصِلِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ التَّرْجِيحُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْوُجُودِيَّ وَأَنْ يُقَالَ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَدَمَ أَشْبَهُ بِالْأُمُورِ الْحَقِيقِيَّةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ اتِّصَافَ الشَّيْءِ بِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْعٍ بِخِلَافِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَرَجَّحَ صَاحِبُ التَّحْصِيلِ وَالْبَيْضَاوِيُّ الْعَدَمِيَّ وَيَلْزَمُهُ كَوْنُ التَّقْدِيرِيِّ أَوْلَى مِنْ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ التَّقْدِيرِيَّ عَدَمِيٌّ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمَحْصُولِ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالشَّرْعِيِّ تَعْلِيلٌ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ فَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى وَفْقِ الْأُصُولِ فَعَلَى هَذَا يَتَرَجَّحُ عَلَى الْعَدَمِيِّ أَيْضًا وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ (وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ يَتَرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ بَلْ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْوُجُودِيَّ وَالْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ سَوَاءٌ (وَالْبَسِيطُ) أَيْ وَيَتَرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ الْبَسِيطِ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمُرَكَّبِ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فِيهِ أَقَلُّ فَيَبْعُدُ عَنْ الْخَطَأِ بِخِلَافِ الْمُرَكَّبِ وَقِيلَ الْكَثِيرُ الْأَوْصَافِ أَوْلَى (وَالْحَنَفِيَّةُ) عَلَى أَنَّ الْبَسِيطَ (كَالْمُرَكَّبِ) وَهُوَ مُقْتَضَى بُرْهَانِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَكَّبَ أَوْلَى مِنْ الْبَسِيطِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ ثَمَّةَ الْوَصْفُ الْمُتَعَدِّدُ جِهَاتُ اعْتِبَارِهِ مِنْ كَوْنِهِ بَعُدَ أَنَّهُ ثَبَتَ اعْتِبَارُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِهِ فِي الْمَحَلِّ ثَبَتَ اعْتِبَارُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِهِ إلَخْ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ بَسِيطًا كَالْإِسْكَارِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذُو جُزْأَيْنِ فَصَاعِدًا وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ (وَلَيْسَ الْبَسِيطُ مُقَابِلًا لِذَلِكَ الْمُرَكَّبِ وَمَا بِالْمُنَاسَبَةِ) أَيْ وَيُرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ الثَّابِتِ عِلِّيَّتُهُ بِالْمُنَاسَبَةِ (أَيْ الْإِخَالَةِ عَلَى مَا بِالشَّبَهِ وَالدَّوَرَانِ) أَيْ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ الثَّابِتِ عِلِّيَّتُهُ بِأَحَدِ هَذَيْنِ لِأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ بِالْمُنَاسَبَةِ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ بِهِمَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى زِيَادَةِ الْمَصْلَحَةِ ثُمَّ مَا بِالشَّبَهِ عَلَى مَا بِالدَّوَرَانِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ مَا بِالدَّوَرَانِ عَلَى مَا بِالْمُنَاسَبَةِ وَالشَّبَهِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ اطِّرَادَ الْعِلَّةِ وَانْعِكَاسَهَا بِخِلَافِهِمَا (وَمَا بِالسَّبْرِ) أَيْ وَيُرَجَّحُ التَّعْلِيلُ بِالْوَصْفِ الثَّابِتِ عِلِّيَّتُهُ بِالسَّبْرِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّابِتِ عِلِّيَّةُ وَصْفِهِ بِالشَّبَهِ وَالتَّعْلِيلِ الثَّابِتِ عِلِّيَّةُ وَصْفِهِ بِالدَّوَرَانِ كَمَا اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (وَعَلَّلَ) وَتَرْجِيحُ مَا بِالسَّبْرِ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشُرُوحِهِ (بِمَا فِيهِ) أَيْ السَّبْرِ (مِنْ التَّعَرُّضِ لِنَفْيِ الْمُعَارِضِ) بِالْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْمُعَارِضِ.

وَالْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ مُقْتَضِيهِ فِي الْأَصْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْتِفَاءِ مُعَارِضِ مُقْتَضِيهِ فِيهِ أَيْضًا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِمَا أَوْلَى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَقَدْ يُقَالُ فَكَذَا الدَّوَرَانُ) يَتَرَجَّحُ الْوَصْفُ الثَّابِتُ عِلِّيَّتُهُ بِهِ عَلَى الْوَصْفِ الثَّابِتِ عِلِّيَّتُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الطُّرُقِ (لِزِيَادَةِ إثْبَاتِ الِانْعِكَاسِ) أَيْ لِأَنَّ الْعِلِّيَّةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْهُ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ تَقْدِيمُ الدَّوَرَانِ لِإِثْبَاتِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ (تَقْدِيمُ مَا بِالسَّبْرِ عَلَى مَا بِالدَّوَرَانِ) لِتَحَقُّقِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فِيهِ (لِانْعِكَاسِ عِلَّتِهِ) أَيْ الْعِلَّةِ الثَّابِتَةِ بِهِ (لِلْحَصْرِ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَصْرُ الْأَوْصَافِ الصَّالِحَةِ لِلْعِلِّيَّةِ ظَاهِرًا فِي عَدَدٍ ثُمَّ إلْغَاءُ بَعْضِهَا بِطَرِيقِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعِلِّيَّةِ (وَيَزِيدُ) السَّبْرُ عَلَى الدَّوَرَانِ (بِنَفْيِ الْمُعَارِضِ فَيَبْطُلُ مَا قِيلَ) أَيْ مَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ (مِنْ عَكْسِهِ) أَيْ تَقْدِيمِ مَا بِالدَّوَرَانِ عَلَى مَا بِالسَّبْرِ قُلْت وَلَمْ يَظْهَرْ فِي السَّبْرِ تَعَرُّضٌ لِثُبُوتِ الِانْعِكَاسِ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَصْرِ لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا الْإِلْغَاءُ أَيْضًا عِنْدَ التَّحْقِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>