للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤَثِّرَةِ وَالطَّرْدِيَّةِ عِنْدَ شَارِطِي انْعِكَاسِ الْعِلَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِهَا مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (وَكَذَا الْمُفَارَقَةُ) أَيْ مَنْعُ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ وَإِبْدَاءُ وَصْفٍ صَالِحٍ لِلْعِلِّيَّةِ غَيْرَهُ أَوْ مَنْعُ اسْتِدْلَالِهِ بِالْعِلَّةِ بِادِّعَاءِ أَنَّهُ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ الْعِلَّةُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْفَرْعِ فَعَامُّ الِانْتِفَاءِ عَنْهُمَا أَيْضًا عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ وُجِدَتْ صُورَةُ النَّقْضِ) فِي الْمُؤَثِّرَةِ (دُفِعَ بِأَرْبَعٍ) مِنْ الطُّرُقِ (نَذْكُرُهَا وَعَلَى الطَّرْدِ تَرِدُ) هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْمُمَانَعَةِ وَالْمُعَارَضَةِ وَفَسَادِ الْوَضْعِ وَالِاعْتِبَارِ وَالْمُنَاقَضَةِ (مَعَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ) أَيْ الْتِزَامِ السَّائِلِ مَا يَلْزَمُهُ الْمُعَلِّلُ بِتَعْلِيلِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ فِي الْحُكْمِ الْمَقْصُودِ (وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهَا) أَيْ الطَّرْدِيَّةِ (بِهِ) أَيْ بِالْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الْعِلَلُ قِسْمَانِ طَرْدِيَّةٌ وَمُؤَثِّرَةٌ وَعَلَى كُلٍّ ضُرُوبٌ مِنْ الدَّفْعِ أَمَّا الْمُؤَثِّرَةُ فَبِطَرِيقٍ صَحِيحٍ وَطَرِيقٍ فَاسِدٍ أَمَّا الْفَاسِدُ فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ الْمُنَاقَضَةُ وَفَسَادُ الْوَضْعِ وَقِيَامُ الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِ الْعِلَّةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَوَجْهَانِ الْمُعَارَضَةُ وَالْمُمَانَعَةُ وَوُجُوهُ دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ أَرْبَعَةٌ الْقَوْلُ بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ ثُمَّ الْمُمَانَعَةُ ثُمَّ بَيَانُ فَسَادِ الْوَضْعِ ثُمَّ الْمُنَاقَضَةُ اهـ مُلَخَّصًا وَتَابَعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا يُوهِمُ اخْتِصَاصَ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ بِمَا ذُكِرَ لَهَا مِنْ وُجُوهِ الدَّفْعِ وَمِنْ ثَمَّةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْفَاضِلُ الْقَاآنِي الطَّرِيقَ الصَّحِيحَ فِي دَفْعِ الْمُؤَثِّرَةِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ أَوَّلُهَا الْمُمَانَعَةُ ثُمَّ الْقَلْبُ الْمُبْطِلُ ثُمَّ الْعَكْسُ الْكَاسِرُ ثُمَّ الْمُعَارَضَةُ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنَوَّعَ الْمَذْكُورَةَ هُنَا وَاَلَّتِي ذُكِرَتْ فِي دَفْعِ الْعِلَلِ الطَّرْدِيَّةِ يَتَدَاخَلُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَاَلَّتِي لَا تَدَاخُلَ فِيهَا لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا بَلْ تَجْرِي فِيهَا فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ هُنَا وَتِلْكَ الْأَرْبَعَةِ هُنَالِكَ لَا يَخْلُو عَنْ تَحَكُّمٍ وَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي تَرْتِيبِ وُجُوهِ دَفْعِ الطَّرْدِيَّةِ مَا هُوَ الْمُتَدَاوَلُ مِنْ أَنَّهُ قَدَّمَ الْقَوْلَ بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْخِلَافَ بِتَسْلِيمِ مُوجِبِ عِلَّتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ إذْ الْمَصِيرُ إلَى الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْمُوَافَقَةِ ثُمَّ الْمُمَانَعَةِ عَلَى الْبَاقِيَيْنِ لِأَنَّ الْمَنْعَ أَسْهَلُ مِنْهُمَا ثُمَّ فَسَادِ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ إذْ الْمُنَاقَضَةُ خَجَلُ مَجْلِسٍ وَهَذَا انْقِطَاعٌ كُلِّيٌّ.

قَالَ وَلَمْ أَدْرِ مَا دَعَاهُمْ إلَى تَرْكِ الْمُعَارَضَةِ هُنَا مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّرْدِيَّةَ قَدْ تُدْفَعُ كَمَا تُدْفَعُ بِهَا الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الطَّرْدِيَّةَ تَنْدَفِعُ لَا مَحَالَةَ بِأَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ السَّائِلُ إلَى الِاشْتِغَالِ بِهَا هَذَا وَقَدْ وَافَقَ فَخْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى فَسَادِ الِاعْتِرَاضِ بِالْمُنَاقَضَةِ وَفَسَادِ الْوَضْعِ عَلَى الْمُؤَثِّرَةِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَمَنْ تَابَعَهُمْ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا فَسَادَهَا قَبْلَ ظُهُورِ أَثَرِ الْوَصْفِ فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِالْمُمَانَعَةِ لَمَّا صَحَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَصْفُ مُؤَثِّرًا صَحَّ الِاعْتِرَاضُ بِهِمَا أَيْضًا لِهَذَا الِاحْتِمَالِ وَإِنْ أَرَادُوا بَعْدَ ظُهُورِ تَأْثِيرِهِ فَلَا فَرْقَ إذًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَانِعَةِ فِي الْفَسَادِ لِأَنَّ التَّأْثِيرَ لَمَّا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ مَحَلُّ الْمُمَانَعَةِ كَمَا لَمْ يَبْقَ مَحَلُّهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بُطْلَانُ دَفْعِ السَّائِلِ بِهِمَا بَعْد ظُهُورِ أَثَرِ الْوَصْفِ عِنْدَ الْمُجِيبِ لِأَنَّهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ لَا يَحْتَمِلُهُمَا وَلَكِنَّهُ يَقْبَلُ الْمُمَانَعَةَ لِأَنَّ السَّائِلَ إنَّمَا يَمْنَعُهُ حَتَّى تَظْهَرَ صِحَّتُهُ وَأَثَرُهُ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا ظَهَرَ عِنْدَ الْمُجِيبِ فَتَنْفَعُهُ الْمُمَانَعَةُ وَجَوَّزَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ وُرُودَ النَّقْضِ وَفَسَادَ الْوَضْعِ عَلَى الْمُؤَثِّرَةِ لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَرِدَانِ عَلَى عِلَّةِ الشَّارِعِ بَلْ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ الْمُجِيبُ عِلَّةً مُؤَثِّرَةً وَذَا فِي الْحَقِيقَةِ يَثْبُتُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَدُفِعَ) التَّخْصِيصُ مُطْلَقًا (بِأَنَّ الْإِيرَادَ) لِلِاعْتِرَاضِ إنَّمَا هُوَ (بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ (لِلْعِلِّيَّةِ إنْكَارِ ظَنِّهِ) أَيْ إنْكَارِ السَّائِلِ مُطَابَقَةَ ظَنِّ الْمُسْتَدِلِّ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (لَا عَلَى) الْعِلَلِ (الشَّرْعِيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَّا) إذَا كَانَ الْإِيرَادُ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَيَجِبُ نَفْيُ) إيرَادِ (الْمُعَارَضَةِ أَيْضًا) عَلَى الْمُؤَثِّرَةِ (إذْ بَعْدَ ظُهُورِ تَأْثِيرِ الْوَصْفِ) يَلْزَمُ (فِي الْمُعَارَضَةِ الْمُنَاقَضَةُ) لِلشَّرْعِ (خُصُوصًا بِطَرِيقِ الْقَلْبِ) وَمُنَاقَضَتُهُ بَاطِلَةٌ فَالْمُعَارَضَةُ بَاطِلَةٌ بَلْ وَعَزَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ كَوْنَ النَّقِيضِ سُؤَالًا صَحِيحًا تَبْطُلُ بِهِ الْعِلَّةُ خُصُوصًا عِنْدَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ تَخْصِيصَهَا إلَى غَايَةِ الْأُصُولِيِّينَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ عَلَى الْعِلَلِ الْمُؤَثِّرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>