للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَادَهُ بَعْدَ مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُهَا بِاتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ فَأَمَّا قَبْلَ ظُهُورِ التَّأْثِيرِ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ مُمَانَعَتُهُ فِي نَفْسِ الْوَصْفِ فِي التَّحْقِيقِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فَالِاعْتِرَاضَاتُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الْعِلَلِ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ الْمُمَانَعَةُ ثُمَّ فَسَادُ الْوَضْعِ ثُمَّ الْمُنَاقَضَةُ ثُمَّ الْقَلْبُ ثُمَّ الْمُعَارَضَةُ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الِاعْتِرَاضَاتُ الْفَاسِدَةُ عَلَى الْعِلَلِ وَالطَّرْدِيَّاتِ الْفَاسِدَةِ فَلَا نِهَايَةَ لَهَا لِأَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ فَاسِدُ الْخَاطِرِ يَعْتَرِضُ بِأَلْفِ أَلْفِ اعْتِرَاضَاتٍ فَاسِدَةٍ وَيَأْتِي بِأَلْفِ أَلْفِ طَرْدِيَّاتٍ فَاسِدَةٍ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى حَصْرِهَا وَفِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ عَامَّةُ الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَإِذْ لَا تَخْصِيصَ) لِبَعْضِ الِاعْتِرَاضَاتِ بِالْمُؤَثِّرَةِ دُونَ الطَّرْدِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ (نَذْكُرُهَا) أَيْ الِاعْتِرَاضَاتِ (بِلَا تَفْصِيلٍ وَتَعَرُّضٍ لِخُصُوصِيَّاتِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ فِيهَا (الْأَوَّلُ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ كَوْنُ الْقِيَاسِ مُعَارَضًا بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَلَا وُجُودَ لَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ لَهُ (حِينَئِذٍ لِيَنْظُرَ فِي مُقَدِّمَاتِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقِيَاسِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَ وَضْعُهُ وَتَرْكِيبُهُ صَحِيحًا لِكَوْنِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الصَّالِحَةِ لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (وَتَخَلُّصِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ (بِالطَّعْنِ فِي السَّنَدِ) لِلنَّصِّ (إنْ أَمْكَنَ) بِأَنْ لَا يَكُونَ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً مُتَوَاتِرَةً بِأَنَّ فِي رِوَايَتِهِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ أَوْ كَذَّبَ الْأَصْلُ الْفَرْعَ فِيهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي الْوَاقِعِ كَذَلِكَ (أَوْ) فِي (دَلَالَتِهِ) عَلَى مَطْلُوبِ الْمُعْتَرِضِ بِأَنَّهُ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِيهِ (أَوْ أَنَّهُ) وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ مَا ذَكَرْتُ فَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ بَلْ هُوَ (مَا دَلَّ بِدَلِيلِهِ) أَيْ التَّأْوِيلِ الْمُفِيدِ يُرَجِّحُهُ عَلَى الظَّاهِرِ (أَوْ) أَنَّهُ (خَصَّ مِنْهُ حُكْمَ الْقِيَاسِ) مَعَ بَيَانِ دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ فَإِنَّ التَّأْوِيلَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ التَّخْصِيصِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إضْمَارٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَمُعَارَضَتِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ نَصُّ الْمُعْتَرِضِ (بِمُسَاوٍ فِي النَّوْعِ) لَهُ كَالْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالسَّنَةِ (وَالتَّرْجِيحِ) لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ التَّسَاوِي (بِالْخُصُوصِيَّةِ) الْمُمْتَازِ بِهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَالْمُحْكَمِ عَلَى الْمُفَسَّرِ وَهُوَ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ عَلَى الظَّاهِرِ وَإِنْ انْتَفَتْ الْخُصُوصِيَّةُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يَتَسَاقَطَ النَّصَّانِ سَلِمَ قِيَاسُ الْمُسْتَدِلِّ (فَلَوْ عَارَضَ الْآخَرَ) أَيْ الْمُعْتَرِضَ (بِآخَرَ) أَيْ بِنَصٍّ آخَرَ مَعَ الْأَوَّلِ (مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ) أَيْ نَوْعِ الْأَوَّلِ (وَجَبَ أَنْ يَبْنِيَ) تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (عَلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ) وَالْوَجْهُ الرُّوَاةُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشُّهْرَةِ فِي فَصْلِ التَّرْجِيحِ (وَعَلَى) الْقَوْلِ بِأَنْ (لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ) الرُّوَاةِ (لَا يُعَارِضُ النَّصُّ النَّصَّ وَالْقِيَاسَ لِيَقِفَ الْقِيَاسُ لِلْعِلْمِ بِسُقُوطِ هَذَا الِاعْتِبَارِ فِي نَظَرِ الصَّحَابَةِ) فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرْجِعُونَ عِنْدَ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ إلَى الْقِيَاسِ فَمَا أَوْجَبَهُ الْقِيَاسُ أَخَذُوا بِهِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ تَتَبُّعُ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ وَالْمُنَاظَرُ تِلْوَ الْمُنَاظَرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقَصْدِ إلَى إظْهَارِ الصَّوَابِ (وَمِنْ نَوْعِهِ) أَيْ لَوْ عَارَضَ الْمُعْتَرِضَ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ بِنَصٍّ آخَرَ مِنْ نَوْعِ دَلِيلِهِ الْأَوَّلِ أَيْضًا مَعَ دَلِيلِهِ الْأَوَّلِ (لَا يَرْجَحُ) دَلِيلُ الْمُعْتَرِضِ الْأَوَّلِ بِهِ (اتِّفَاقًا) بَلْ كِلَاهُمَا يُعَارِضُهُمَا نَصُّ الْمُسْتَدِلِّ الْوَاحِدِ كَمَا يُعَارِضُ شَهَادَةُ الِاثْنَيْنِ شَهَادَةَ الْأَرْبَعِ (وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ) لِلْمُعْتَرِضِ (عَارَضَ نَصُّك قِيَاسِي فَسَلِمَ نَصِّي فَبَعُدَ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْجَوَابَ مِنْ الْمُسْتَدِلِّ هُوَ (الِانْتِقَالُ الْمَمْنُوعُ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُثْبَتٌ بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْإِثْبَاتِ بِالْقِيَاسِ (مُعْتَرِفٌ بِفَسَادِ الِاعْتِبَارِ عَلَى قِيَاسِهِ) لِاعْتِرَافِهِ بِمُعَارَضَةِ قِيَاسِهِ النَّصَّ مِثَالُهُ (نَحْوَ) أَنْ يَقُولَ الشَّافِعِيُّ فِي حِلِّ ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ الْمَتْرُوكَةِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا (ذَبْحِ التَّارِكِ) لَهَا ذَبْحٌ (مِنْ أَهْلِهِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مُسْلِمًا (فِي مَحَلِّهِ) أَيْ فِيمَا جَازَ أَكْلُ لَحْمِهِ مِنْ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا (فَيَحِلُّهَا كَالنَّاسِي) أَيْ كَذَبْحِ نَاسِي التَّسْمِيَةِ.

(فَيُقَالُ) فِي جَوَابِهِ هَذَا قِيَاسٌ (فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِمُعَارَضَةِ {وَلا تَأْكُلُوا} [الأنعام: ١٢١] الْآيَةَ) أَيْ {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] (فَالْمُسْتَدِلُّ) الشَّافِعِيُّ يَقُولُ هَذَا (مُؤَوَّلٌ بِذَبْحِ الْوَثَنِيِّ بِقَوْلِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ» ) وَيَتَمَشَّى لَهُ فِي الْجُمْلَةِ إذَا أَثْبَتَ هَذَا وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَاهُ فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد عَنْ الصَّلْتِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ إنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا اسْمَ اللَّهِ» وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>