للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضُرُّ حِينَئِذٍ قَوْلُ السُّبْكِيّ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ إسْنَادٌ (وَمَا قِيلَ) فِي دَفْعِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ (خَصَّ) مَذْبُوحَ (النَّاسِي) مِنْ نَصِّ {وَلا تَأْكُلُوا} [الأنعام: ١٢١] الْآيَةَ (بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْ قِيسَ عَلَيْهِ) أَيْ النَّاسِي (الْعَامِدُ أَوْجَبَ) الْقِيَاسُ عَلَيْهِ (كَوْنَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (نَاسِخًا) لِلنَّصِّ (لَا مُخَصِّصًا إذَا لَمْ يَبْقَ تَحْتَ الْعَامِّ) يَعْنِي مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ (شَيْءٌ) لِأَنَّ تَحْتَهُ النَّاسِيَ وَالْعَامِدَ وَقَدْ خَرَجَا (إنَّمَا يَنْتَهِضُ) دَافِعًا لَهُ (إذَا لَمْ يَلْزَمْ) أَنْ يَكُونَ النَّصُّ (مُؤَوَّلًا) قَالَ الْمُصَنِّفُ الْحَاصِلُ أَنَّ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي إفْسَادِ هَذَا الْقِيَاسِ طَرِيقَيْنِ الْأُولَى فَسَادُ الِاعْتِبَارِ فَإِذَا أَثْبَتَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ النَّصَّ مُؤَوَّلٌ انْدَفَعَ الثَّانِي إفْسَادُهُ بِإِلْزَامِ أَنَّ قِيَاسَهُ حِينَئِذٍ نَاسِخٌ لِلْكِتَابِ وَهُوَ أَيْضًا مُنْدَفِعٌ بِالتَّأْوِيلِ يَعْنِي بِمَا إذَا ذَبَحَ لِلنَّصِّ وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَيْ الْعَامِدِ فَالْعَامِدُ يَنْقَسِمُ إلَى تَارِكٍ فَقَطْ وَتَارِكٍ مَعَ الذَّبْحِ لِلنُّصُبِ وَإِذَا أُرِيدَ بِالْآيَةِ هَذَا الثَّانِي فَيَلْزَمُ إمَّا أَنْ يَبْقَى تَحْتَ الْعَامِّ هَذَا الْعَامِدُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُخْرِجْهُ بَلْ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي قِسْمًا مِنْ التَّارِكِ الْعَامِدِ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مِنْ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فِي شَيْءٍ وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

(فَلَوْ قَالَ) الْمُسْتَدِلُّ لَمَّا أَلْزَمَهُ الْمُعْتَرِضُ فَسَادَ الِاعْتِبَارِ (قِيَاسِي أَرْجَحُ مِنْ نَصِّكَ) فَلَا يَلْزَمُنِي فَسَادُ الِاعْتِبَارِ (فَلَيْسَ لِلْمُعْتَرِضِ) أَنْ يُبَيِّنَ فَسَادَ قِيَاسِهِ بِالْفَارِقِ لِيَنْدَفِعَ قَوْلُ الْمُسْتَدِلِّ أَنَّ قِيَاسَهُ أَرْجَحُ مِنْ ذَلِكَ النَّصِّ فَيَثْبُتُ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ (إبْدَاءُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي (بِأَنَّهُ) أَيْ الْعَامِدَ (صَدَفَ) أَيْ أَعْرَضَ (عَنْ الذِّكْرِ مَعَ اسْتِحْضَارِ مَطْلُوبِيَّتِهِ) أَيْ الذِّكْرِ مِنْهُ (شَرْعًا) فَكَانَ مُقَصِّرًا (بِخِلَافِ النَّاسِي) فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فَكَانَ الْعِلَّةُ أَنَّهُ ذَبْحٌ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ غَيْرُ مُقَصِّرٍ وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَامِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (لِأَنَّهُ) أَيْ بَيَانَ الْفَارِقِ مُسْتَقِلٌّ بِفَسَادِ الْقِيَاسِ فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ إفْسَادِهِ بِفَسَادِ الِاعْتِبَارِ إلَى إفْسَادِهِ بِبَيَانِ الْفَارِقِ فَهُوَ كَمَا قَالَ (انْتِقَالٌ عَنْ فَسَادِ الِاعْتِبَارِ) أَيْ إفْسَادِ الْقِيَاسِ بِهِ إلَى إفْسَادِهِ بِبَيَانِ الْفَارِقِ وَأَيُّ شَيْءٍ أَقْبَحُ فِي الْمُنَاظَرَةِ مِنْ الِانْتِقَالِ.

(وَلِلْمُعْتَرِضِ مَنْعُ مُعَارَضَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِعَامِّ الْكِتَابِ) أَيْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ (فَلَا يَتِمُّ) أَنْ يَكُونَ (مُؤَوَّلًا وَلِلْمُجِيبِ إثْبَاتُهُ) أَيْ كَوْنُ خَبَرِ الْوَاحِدِ مُعَارِضًا لِعَامِّ الْكِتَابِ (إنْ قَدَرَ) عَلَى ذَلِكَ (وَلَيْسَ) إثْبَاتُهُ (انْقِطَاعًا وَإِنْ كَانَ مُنْتَقِلًا إلَى) دَلِيلٍ (آخَرَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مِثْلِ مُقَدِّمَاتِهِ) أَيْ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَإِنَّمَا لَا يَكُونُ انْقِطَاعًا (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُجِيبَ (يُعَدُّ سَاعٍ فِي إثْبَاتِ نَفْسِ مُدَّعَاهُ كَمَنْ احْتَجَّ بِالْقِيَاسِ فَمَنَعَ جَوَازَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (فَاحْتَجَّ) الْمُحْتَجُّ بِهِ (بِقَوْلِ عُمَر لِأَبِي مُوسَى اعْرِفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ وَقِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ) وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُخَرَّجًا (فَمَنَعَ) مَانِعٌ جَوَازَهُ (حُجِّيَّةَ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَأَثْبَتَهُ) أَيْ الْمُحْتَجُّ حُجِّيَّتَهُ (بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» ) وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ فِي الْإِجْمَاعِ (فَمَنَعَ) الْمَانِعُ الْمَذْكُورُ (حُجِّيَّةَ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَأَثْبَتَهُ) أَيْ الْمُحْتَجُّ كَوْنُهُ حُجَّةً بِمَا تَقَدَّمَ فِي السُّنَّةِ.

(وَإِذْ يَتَرَدَّدُ فِي الْأَجْوِبَةِ) شَيْءٌ (مِنْ هَذَا) أَيْ الِانْتِقَالِ مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ (فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ فِي الِانْتِقَالِ) مِنْ كَلَامٍ إلَى آخَرَ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُسْتَدِلُّ إثْبَاتَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ هُوَ (إمَّا مِنْ عِلَّةٍ إلَى) عِلَّةٍ (أُخْرَى لِإِثْبَاتِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْقِيَاسِ (أَوْ) مِنْ حُكْمٍ (إلَى حُكْمٍ آخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) الْحُكْمُ الْأَوَّلُ يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ (بِتِلْكَ الْعِلَّةِ) الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْقِيَاسِ (أَوْ) إلَى حُكْمٍ آخَرَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ الْمُنْتَقِلُ (بِأُخْرَى) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ الْتَزَمَ إثْبَاتَ الْحُكْمِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ ثُبُوتَهَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا فَمَا دَامَ سَعْيُهُ فِي إثْبَاتِ تِلْكَ الْعِلَّةِ يَكُونُ وَفَاءً مِنْهُ بِمَا الْتَزَمَ وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُمَانَعَةِ فَإِنَّ السَّائِلَ لَمَّا مَنَعَ وَصْفَ الْمُعَلَّلِ عَنْ كَوْنِهِ عِلَّةً لَزِمَهُ إثْبَاتُ عِلِّيَّتِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ ضَرُورَةً فَلَا يُعَدُّ مُنْقَطِعًا لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِمَا هُوَ وَظِيفَتُهُ.

وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ حُكْمٍ إلَى آخَرَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ مُوَافَقَةِ الْخَصْمِ فِي الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>