للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ عِلَّتُهُ) أَيْ حُكْمُ الْأَصْلِ (ثُمَّ ثُبُوتُهَا) أَيْ عِلَّتُهُ (فِي الْفَرْعِ مَعَ الشُّرُوطِ الْأَوَّلُ) أَيْ حُكْمُ الْأَصْلِ يَرِدُ (عَلَيْهِ مَنْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ) أَيْ ثُبُوتِهِ فِيهِ قِيلَ وَالْمَنْعُ أَسَاسُ الْمُنَاظَرَةِ فَلَا يَتَجَاوَزُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُهُ قَطْعًا لِلْمُسْتَدِلِّ قِيلَ نَعَمْ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالدَّلِيلِ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ إلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ آخَرَ الْكَلَامُ فِيهِ بِقَدْرِ الْكَلَامِ فِي الْأَوَّلِ سَوَاءٌ فَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَرَامِهِ وَشُغِلَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ لِلْمُعْتَرِضِ غَايَةُ مَرَامِهِ (وَالصَّحِيحُ لَيْسَ) مُجَرَّدُهُ (قَطْعًا) لِلْمُسْتَدِلِّ (وَإِنَّهُ) أَيْ هَذَا الْمَنْعَ (يُسْمَعُ إلَّا إنْ اصْطَلَحُوا) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْمُنَاظَرَةِ عَلَى عَدِّهِ قَطْعًا فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَطْعٌ كَمَا عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فَإِنَّهُ ذِكْرٌ يَتْبَعُ عُرْفَ الْمَكَانِ وَاصْطِلَاحَ أَهْلِهِ فَإِنْ عَدُّوهُ قَطْعًا فَقَطْعٌ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَضْعِيٌ لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ وَالشَّرْعِ فِيهِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ سَمَاعِهِ إذَا اصْطَلَحُوا عَلَى عَدِّهِ قَطْعًا (مَحْمَلُ) قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُسْمَعُ هَذَا الْمَنْعُ مِنْ الْمُعْتَرِضِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ الدَّلَالَةُ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَيَنْتَفِي اسْتِبْعَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ إيَّاهُ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى خَصْمِهِ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ أَصْلِهِ مَمْنُوعًا وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ دَلِيلًا لِأَنَّ قِيَامَ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ جُزْءُ الدَّلِيلِ وَلَا يَثْبُتُ الدَّلِيلُ إلَّا بِثُبُوتِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كِتَابَيْ الْمُلَخَّصِ وَالْمَعُونَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ سَمَاعُ الْمَنْعِ قَالَ ثُمَّ الْمَانِعُ إمَّا أَنْ لَا يَخْتَلِفَ مَذْهَبُهُ فِي الْمَنْعِ فَجَوَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدِهَا تَفْسِيرِ الْحُكْمِ بِمَا يَسْلَمُ كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي الْإِجَارَةِ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَبَطَلَتْ بِالْمَوْتِ كَالنِّكَاحِ فَيَمْنَعُ الْأَصْلُ إذْ النِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ فَيَقُولُ أَرَدْتُ بِقَوْلِي يَبْطُلُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فَيَسْقُطُ الْمَنْعُ وَالثَّانِي أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعًا يَسْلَمُ فِيهِ كَقَوْلِنَا الْوُضُوءُ عِبَادَةٌ شُرِعَ لَهَا الِاخْتِتَامُ بِالْيَسَارِ فَشَرَطَ فِيهَا التَّرْتِيبَ كَالصَّلَاةِ فَيَقُولُ الْمُخَالِفُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَأَتَى بِهِنَّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ فَيَقُولُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الرُّكُوعَ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَوْ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ لَا يَصِحُّ وَهَذَا كَافٍ فِي التَّسْلِيمِ وَالثَّالِثِ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كَقَوْلِنَا الْخِنْزِيرُ حَيَوَانٌ نَجِسٌ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيُغْسَلُ مِنْهُ سَبْعًا كَالْكَلْبِ فَيَمْنَعُونَ الْأَصْلَ فَيَدُلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ» وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَ مَذْهَبُ الْمَانِعِ فَإِنْ كَانَ لِإِمَامِهِ قَوْلَانِ أَوْ لِأَصْحَابِهِ وَجْهَانِ فَجَوَابُهُ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ وَيَزِيدُ بِتَبْيِينِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِهِ التَّسْلِيمُ كَمَا يَقُولُ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ فَانْصَرَفَ إلَى مَا عَلَيْهِ كَمَا إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَيَمْنَعُ الْخَصْمُ مُسْتَنِدًا إلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكُونُ تَطَوُّعًا فَيُجِيبُ بِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْرِفَ مَذْهَبَ إمَامِهِ كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَا يَخْتَارُ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُحَرَّمٌ فِي نِكَاحٍ فَلَا يُخَيَّرُ فِيهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ دَلِيلُهُ إذَا جَمَعَتْ الْمَرْأَةُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا نَصَّ فِيهَا لِأَصْحَابِنَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُسْلِمَهُ وَتَعَقَّبَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ عَلَيْهِمَا وَقَدْ وَقَعَ عَقْدُهُمَا مَعًا لَمْ تُقَرَّ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ أَمْ لَا وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدُوهُ وَجْهٌ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَارُ أَحَدَهُمَا وَإِنْ وَقَعَا مُرَتَّبَيْنِ فَهِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ اهـ ثُمَّ إنَّمَا قُلْنَا هَذَا الْمَنْعَ لَيْسَ بِقَطْعٍ لِلْمُسْتَدِلِّ (لِأَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْمَنْعَ (مَنْعُ بَعْضِ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ وَكَمَا لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ مَنْعِ مُقَدِّمَةٍ غَيْرَ هَذِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلِهِ قَطْعًا لَهُ فَكَذَا هَذَا (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ مُجَرَّدُ هَذَا الْمَنْعِ قَطْعًا لَهُ (فَكُلُّ مَنْعٍ قَطْعٌ) وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ (بِهِ) أَيْ بِمَنْعِ الْمُعْتَرِضِ حُكْمَ الْأَصْلِ (يَنْتَقِلُ إلَى) حُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ حُكْمُ الْأَصْلِ (مِثْلِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ حُكْمُ الْفَرْعِ.

(لَا يَضُرُّ إذَا تَوَقَّفَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (عَلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ (وَسِعَهُ مَجْلِسٌ أَوْ مَجَالِسُ) فَلَا يَنْعَمُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ مَنَعَ عِلِّيَّةَ الْعِلَّةِ أَوْ وُجُودَهَا فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ إثْبَاتُهَا وَلَا يُعَدُّ الْمَنْعُ قَطْعًا لَهُ (وَلَوْ تَعَارَفَهُ) أَيْ كَوْنَ مَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ قَطْعًا (طَائِفَةٌ أُخْرَى) غَيْرُ أَهْلِ بَلَدِ الْمُنَاظَرَةِ (لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَدِلَّ عُرْفُهُمْ) إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ (ثُمَّ لَا يَنْقَطِعُ الْمُعْتَرِضُ بِإِقَامَةِ دَلِيلِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ مِنْ الْمُسْتَدِلِّ (عَلَى الْمُخْتَارِ إذْ لَا يَلْزَمُ صِحَّتُهُ) أَيْ الدَّلِيلِ (مِنْ صُورَتِهِ) وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>