للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُسْتَدِلُّ وَيَسْتَنِدُ إلَى أَصْلٍ لَا مَحَالَةَ وَبَيَانُ انْتِفَائِهِ فِي الْأَصْلِ عَلَى هَذَا مُعَارَضَةٌ فِي الْأَصْلِ حَيْثُ أَبْدَى عِلَّةً أُخْرَى لَا تُوجَدُ فِي الْفَرْعِ.

(وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْتَرِضِ (بَيَانُ كَوْنِهِ) أَيْ مَا أَبْدَاهُ مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ فِي الْأَصْلِ شَرْطًا (أَوْ) مَا أَبْدَاهُ مِنْ الْمَانِعِ فِي الْفَرْعِ (مَانِعًا عَلَى طَرِيقِ إثْبَاتِ الْمُسْتَدِلِّ عِلِّيَّةَ الْوَصْفِ) الْمُعَلَّلِ بِهِ مِنْ التَّأْثِيرِ وَغَيْرِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْوَجْهُ أَنَّهُ) أَيْ الْفَرْقَ مُعَارَضَتَانِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (عَلَى ادِّعَاءِ الشَّرْطِ وَ) مُعَارَضَةٌ (فِي الْفَرْعِ فَقَطْ عَلَى الْمَانِعِ لِمَا تَقَدَّمَ) فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ (مِنْ الْحَقِّ أَنَّ عَدَمَ الْمَانِعِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ الْبَاعِثَةِ) زَادَ الْمُصَنِّفُ هُنَا (بِخِلَافِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ (خُصُوصِيَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْوَصْفِ) الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُعَلِّلُ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ.

(وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ) الْمُعْتَرِضُ (لِانْتِفَائِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (مِنْ الْفَرْعِ لَمْ يَكُنْ) إبْدَاءَ الْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْأَصْلِ (الْفَرْقُ بَلْ) هُوَ (مُعَارَضَةٌ فِي الْأَصْلِ الْمُسَمَّى مُفَارَقَةً) عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا فَلَمْ يَذْكُرُوهُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْمُعَارَضَةِ فِي الْفَرْعِ غَيْرَ أَنَّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ يَقُولُ الْفَرْقُ رَاجِعٌ إلَى الْمُعَارَضَةِ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا يَتِمُّ نَفْيُ كَوْنِ الِاقْتِصَارِ عَلَى إبْدَاءِ الْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْأَصْلِ فَرْقًا وَإِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَائِلِينَ مِنْهُمْ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِمَا، هَذَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَعَدُّدِ الْأُصُولِ لَوْ فَرَّقَ الْمُعْتَرِضُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَأَصْلٍ مِنْهَا كَفَى فِي الْقَدْحِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُبْطِلُ جَمْعَهَا الْمَقْصُودَ وَقِيلَ لَا يَكْفِي لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهَا وَقِيلَ يَكْفِي إنْ قَصَدَ الْإِلْحَاقَ بِمَجْمُوعِهَا لِأَنَّهُ يُبْطِلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَهُوَ حَسَنٌ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَوَابَ هَذَا السُّؤَالِ وَمِمَّا يُجَابُ بِهِ مَنْعُ كَوْنِ الْمَبْدَأِ فِي الْأَصْلِ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ مَانِعًا مِنْ الْحُكْمِ وَفِي اقْتِصَارِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى جَوَابِ أَصْلٍ وَاحِدٍ عَلَى تَقْدِيرِهِ فَرَّقَ الْمُعْتَرِضُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَأَصْلٍ مِنْ الْأُصُولِ حَيْثُ جَازَ تَعَدُّدُهَا قَوْلَانِ يَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالدَّفْعِ عَنْ وَاحِدٍ وَلَا يَكْفِي لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْجَمِيعَ فَلَزِمَهُ الدَّفْعُ عَنْهُ وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِهِ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَاقَيَا ثُمَّ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ لَا مَا ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَرْقِ وَرَاءَ الْمُعَارَضَةِ وَإِنْ خَاصَّهُ وَسَرَّهُ فَقَدْ يُنَاقِضُهُ قَصْدُ الْجَمِيعِ ثُمَّ هُوَ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ فِي أَمْرِ هَذَا السُّؤَالِ مِنْ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(وَالِاتِّفَاقُ عَلَى جَمْعِهَا) أَيْ الِاعْتِرَاضَاتِ (مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا تَنَاقُضٌ وَلَا انْتِقَالٌ مِنْ سُؤَالٍ إلَى آخَرَ (وَبَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ) يَذْكُرُ فِي كَلَامِهِمْ (النَّوْعَ لِلْجِنْسِ وَالْجِنْسَ لِلنَّوْعِ) عَكْسُ مَا عَلَيْهِ اصْطِلَاحُ الْأُصُولِيِّينَ بَلْ ذَكَرَ عَضُدُ الدِّينِ أَنَّهُ اصْطِلَاحُ الْأُصُولِيِّينَ وَوَافَقَهُ التَّفْتَازَانِيُّ عَلَيْهِ (وَأُصُولُ الْحَنَفِيَّةِ) وَفُرُوعُهُمْ أَيْضًا يَذْكُرُ فِيهِمَا (الْجِنْسُ لِلنَّوْعِ) كَالْحِنْطَةِ (وَالنَّوْعُ) وَالْجِنْسُ أَيْضًا (لِلصِّنْفِ كَرَجُلٍ) وَلَا مُنَاقَشَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ (وَذَلِكَ) أَيْ جَمْعُهَا مِنْ جِنْسٍ (كَالِاسْتِفْسَارَاتِ وَالْمُنَوَّعِ وَالْمُعَارَضَاتِ) فَإِنَّ الِاسْتِفْسَارَاتِ يَجْمَعُهَا الِاسْتِفْسَارُ وَالْمُنَوَّعَ يَجْمَعُهَا الْمَنْعُ وَالْمُعَارَضَاتِ تَجْمَعُهَا الْمُعَارَضَةُ (وَفِي الْأَجْنَاسِ مَنَعَهُ) أَيْ جَمْعَهَا (السَّمَرْقَنْدِيُّونَ لِلْخَبْطِ) اللَّازِمِ مِنْ ذَلِكَ (لِلِانْتِشَارِ) وَأَوْجَبُوا الِاقْتِصَارَ عَلَى سُؤَالٍ وَاحِدٍ حِرْصًا عَلَى الضَّبْطِ قَالُوا وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ كَمَا أَلْزَمَهُمْ بِهِ الْآمِدِيُّ فَإِنَّا جَوَّزْنَا تَعَدُّدَهَا وَإِنْ أَدَّتْ إلَى النَّشْرِ لِأَنَّ النَّشْرَ فِي الْمُخْتَلِفَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْمُتَّفِقَةِ وَالْجُمْهُورُ جَوَّزُوا الْجَمْعَ بَيْنَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ (ثُمَّ) إذَا جَازَ الْجَمْعُ (مَنَعَ أَكْثَرُ النُّظَّارِ) الِاعْتِرَاضَاتِ (الْمُرَتَّبَةَ طَبْعًا) مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ (كَمَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ وَمَنْعِ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِذَلِكَ) إذْ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ طَبْعًا (إذْ يُفِيدُ) الْأَخِيرُ (تَسْلِيمَ الْأَوَّلِ) فَيَتَعَيَّنُ الْأَخِيرُ سُؤَالًا فَيُجَابُ عَنْهُ دُونَ الْأَوَّلِ فَيَضِيعُ الْأَوَّلُ (وَالْمُخْتَارُ) كَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (جَوَازُهُ) أَيْ جَمْعِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْمُرَتَّبَةِ طَبْعًا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (لِأَنَّ التَّسْلِيمَ) لِلْمُتَقَدِّمِ (فَرْضِيٌّ أَيْ لَوْ سَلِمَ) الْأَوَّلُ (وَرَدَ الثَّانِي) وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّسْلِيمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

(وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا كَانَ الْمُخْتَارُ جَوَازَهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى التَّسْلِيمِ إذْ كَانَ التَّسْلِيمُ فَرْضِيًّا (الْوَاجِبُ تَرْتِيبُهَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>