للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِثُبُوتِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ عَلَى ثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ ثُمَّ ثُبُوتُهُ عَلَى ثُبُوتِ الْآخَرِ (كَفَرْضِ الصِّحَّتَيْنِ) لِلطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ (أَثَرَ الْوَاحِدِ) كَالْأَهْلِيَّةِ لَهُمَا فَإِذَا ثَبَتَ صِحَّةُ الطَّلَاقِ ثَبَتَ الْأَهْلِيَّةُ لَهَا وَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْأَهْلِيَّةِ ثُبُوتُهُ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى التَّعْرِيفِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قِيَاسِ الْعِلَّةِ بَلْ مِنْ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ دُونَ التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ لَهُ لِأَنَّ قِيَاسَ الدَّلَالَةِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِتَعْيِينِ الْمُؤَثِّرِ (وَمَتَى عُيِّنَ الْمُؤَثِّرُ خَرَجَ) عَنْ الِاسْتِدْلَالِ (إلَى قِيَاسِ الْعِلَّةِ وَبَيْنَ نَفْيَيْنِ) أَيْ وَيَكُونُ التَّلَازُمُ بَيْنَهُمَا (وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ التَّنَافِي بَيْنَ (الطَّرَفَيْنِ) فَسَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظُ بَيْنَ (طَرْدًا وَعَكْسًا) أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا كَمَا هُوَ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ (أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ طَرْدًا فَقَطْ كَمَا هُوَ مَانِعَةُ الْجَمْعِ أَوْ عَكْسًا فَقَطْ كَمَا هُوَ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ مِثَالُهُ (لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ) بِلَا نِيَّةٍ (وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُ التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا (أَيْضًا بِالِاطِّرَادِ) أَيْ كُلُّ تَيَمُّمٍ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَكُلُّ وُضُوءٍ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ (وَيَقْوَى بِالِانْعِكَاسِ) أَيْ كُلُّ تَيَمُّمٍ يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ وَكُلُّ وُضُوءٍ يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِهِ فَيَتِمُّ التَّلَازُمُ طَرْدًا وَعَكْسًا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ كُلَّ تَيَمُّمٍ بِالنِّيَّةِ صَحِيحٌ وَبِغَيْرِ النِّيَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ دُونَ الْآخَرِ وَهُوَ الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وُضُوءٍ بِالنِّيَّةِ صَحِيحًا فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ كُلُّ وُضُوءٍ بِلَا نِيَّةٍ غَيْرَ صَحِيحٍ بَلْ ذَاكَ الْوُضُوءُ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ لَا الْوُضُوءُ الَّذِي لَيْسَ بِعِبَادَةٍ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْيِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى زُفَرَ فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّفْيَيْنِ أَصْلًا لِعَدَمِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ وُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ عَلَى النِّيَّةِ عِنْدَهُ (وَيُقَرَّرُ) ثُبُوتُ التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَا أَثَرَيْنِ لِمُؤَثِّرٍ (بِانْتِفَاءِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ فَالْآخَرُ) أَيْ فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْأَثَرِ الْآخَرِ لِانْتِفَاءِ الْمُؤَثِّرِ لِفَرْضِ ثُبُوتِهِمَا أَثَرًا لِوَاحِدٍ وَلَيْسَ فَرْضُ كَوْنِ الثَّوَابِ وَاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ أَثَرَيْنِ لِلْعِبَادَةِ (يُوجِبُهُ) أَيْ التَّلَازُمَ بَيْنَ النَّفْيَيْنِ (عَلَى الْحَنَفِيِّ) لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي صِحَّةِ كَوْنِ الْوُضُوءِ شَرْطًا لِلصَّلَاةِ كَوْنَهُ عِبَادَةً (وَبَيْنَ نَفْيٍ لَازِمٍ لِلثُّبُوتِ) أَيْ وَيَكُونُ التَّلَازُمُ بَيْنَ ثُبُوتِ مَلْزُومٍ وَنَفْيِ لَازِمٍ لَهُ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَبَيْنَ نَفْيِ مَلْزُومٍ وَثُبُوتِ لَازِمٍ مِثَالُ الْأَوَّلِ هَذَا (مُبَاحٌ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ) وَمِثَالُ الثَّانِي هَذَا (لَيْسَ جَائِزًا فَحَرَامٌ وَيُقَرَّرَانِ) أَيْ التَّلَازُمَانِ بَيْنَهُمَا (بِإِثْبَاتِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا) كَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالنَّفْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَعَدَمِ الْحَرَامِ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّ عَدَمَ الْحَرَامِ أَعَمُّ مِنْ الْمُبَاحِ وَلَا بَيْنَ غَيْرِ الْجَائِزِ وَالْحَرَامِ لِأَنَّ غَيْرَ الْجَائِزِ إمَّا مُسَاوِي الْحَرَامِ أَوْ أَعَمُّ مِنْهُ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّارِحِينَ أَيْ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْحَرَامِ لَكِنْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَا قُصُورٌ بَلْ وَبَيْنَ الْجَائِزِ وَالْحَرَامِ ثُمَّ كَمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ فِي الْإِثْبَاتِ وَلِهَذَا اسْتَلْزَمَ الْمُبَاحُ عَدَمَ الْحَرَامِ وَعَكْسَهُ لَا فِي النَّفْيِ وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ عَدَمُ الْمُبَاحِ الْحَرَامَ وَلَا عَكْسَهُ قُلْت إلَّا أَنَّ فِي اسْتِلْزَامِ عَدَمِ الْحَرَامِ الْمُبَاحَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعَكْسَهُ نَظَرًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّ عَدَمَ الْحَرَامِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُبَاحَ أَلْبَتَّةَ بَلْ كَمَا يَسْتَلْزِمُهُ يَسْتَلْزِمُ الْمَنْدُوبَ.

وَقَالَ فِي الثَّانِي وَهُوَ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَلِهَذَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْحُرْمَةُ وَعَكْسُهُ وَمِنْ الْجَوَازِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَالْعَكْسُ وَيَخُصُّ هَذَا مُوَجِّهًا لَهُ الْفَاضِلُ الْأَبْهَرِيُّ فَقَالَ أَيْ التَّلَازُمُ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَنَفْيِهِ وَعَكْسُهُ يُقَرَّرَانِ بِبَيَانِ ثُبُوتِ التَّنَافِي بَيْنَ الثُّبُوتَيْنِ فَإِنْ كَانَ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا فِي الْجَمْعِ كَمَا بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْحَرَامِ اسْتَلْزَمَ كُلٌّ مِنْ الثُّبُوتَيْنِ نَفْيَ الْآخَرِ فَيَصْدُقُ مَا كَانَ مُبَاحًا لَا يَكُونُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا فِي الْخُلُوِّ كَمَا بَيْنَ الْجَائِزِ بِمَعْنَى مَا لَا يَمْتَنِعُ شَرْعًا اسْتَلْزَمَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْ الثُّبُوتَيْنِ عَيْنَ الْآخَرِ فَيَصْدُقُ مَا لَا يَكُونُ جَائِزًا يَكُونُ حَرَامًا انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِنَايَةَ لَا تُفِيدُهَا الْعِبَارَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَالسُّبْكِيِّ أَيْ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ مَعَ إبْهَامِهِ رَاجِعٌ إلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى أَحَدِهِمَا الْمُرَادُ مِنْهُ وَمِنْ الْعَجَبِ إهْمَالُ عَضُدِ الدِّينِ ثُمَّ التَّفْتَازَانِيِّ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا (أَوْ) بِإِثْبَاتِ التَّنَافِي بَيْنَ (لَوَازِمِهِمَا) وَهُوَ التَّأْثِيمُ اللَّازِمُ لِفِعْلِ الْحَرَامِ وَعَدَمُهُ اللَّازِمُ لِفِعْلِ الْمُبَاحِ وَالْجَائِزِ فَيَلْزَمُ التَّنَافِي بَيْنَ مَلْزُومِهِمَا لِأَنَّ تَنَافِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>