للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَيَّدِ بِالْحَالِ كَمَا رَأَيْت لَمْ يَتَمَشَّ لِأَهْلِ الْمَجَازِ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّحَّةَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِيقَةِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ وَكَيْفَ لَا وَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ إلَّا هَذَا فَحَذْفُ جَوَابِ لَوْ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ السِّيَاقِ وَالسِّبَاقِ (لَكِنْ) لَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا مِنْ النَّفْيِ الْمُطْلَقِ بَلْ (الْمُرَادُ صِدْقُ: زَيْدٌ لَيْسَ ضَارِبًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّقْيِيدِ) بِشَيْءٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ لَكِنْ هَذَا أَيْضًا مِمَّا لَحِقَهُ الْمَنْعُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأُجِيبَ بِمَنْعِ صِدْقِ) النَّفْيِ (الْمُطْلَقِ عَلَى إطْلَاقِهِ) فَلَا يُجْدِي الِاسْتِرْوَاحُ إلَيْهِ (قَالُوا) ثَانِيًا (لَوْ كَانَ) الْإِطْلَاقُ (حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ لَكَانَ) حَقِيقَةً أَيْضًا (بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَتَحَكُّمٌ) أَيْ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ تَحَكُّمٌ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي لِهَذِهِ التَّفْرِقَةِ.

(بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ صِحَّتَهُ) أَيْ كَوْنِ الْإِطْلَاقِ حَقِيقَةً بِسَبَبِ الِاتِّصَافِ بِهِ (فِي الْحَالِ إنْ تَقَيَّدَ) الْقَوْلُ بِهَا (بِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ الِاتِّصَافِ فِي الْحَالِ (فَمَجَازٌ فِيهِمَا) لِانْتِقَاءِ الثُّبُوتِ فِيهِمَا (وَإِلَّا فَحَقِيقَةٌ فِيهِمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّدْ الْقَوْلُ بِهَا بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ فَإِطْلَاقُهُ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ حَقِيقَةٌ كَإِطْلَاقِهِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ (وَغَيْرُهُ) أَيْ اعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ (تَحَكُّمٌ) لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ لَيْسَ الْإِطْلَاقُ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ (الْجَوَابُ) نَخْتَارُ الشِّقَّ الثَّانِيَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ ثُمَّ نَمْنَعُ لُزُومَ اللَّازِمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ (لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الثُّبُوتِ فِي الْحَالِ (عَدَمُ التَّقَيُّدِ) بِغَيْرِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (لِجَوَازِ تَقَيُّدِهِ بِالثُّبُوتِ) أَيْ بِثُبُوتِ مَعْنَى ذَلِكَ الْوَصْفِ (قَائِمًا أَوْ مُنْقَضِيًا) فَيَكُونُ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ لِوُجُودِ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَهُ مُنْقَضِيًا كَمَا يَكُونُ حَقِيقَةً لِوُجُودِهِ قَائِمًا وَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ لَهُ قَائِمًا أَوْ مُنْقَضِيًا (الْحَقِيقَةَ) أَيْ قَالَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْوَصْفِ عَلَى مَنْ زَالَ عَنْهُ بَعْدَ قِيَامِهِ بِهِ حَقِيقَةٌ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ سِينَا وَالْجِبَائِيَّيْنِ (أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى) صِحَّةِ إطْلَاقِ (ضَارِبٌ أَمْسِ) عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ الضَّرْبُ بِالْأَمْسِ وَانْقَضَى.

(وَالْأَصْلُ) فِي الْإِطْلَاقِ (الْحَقِيقَةُ، عُورِضَ) هَذَا الدَّلِيلُ (بِإِجْمَاعِهِمْ) أَيْ أَهْلِ اللُّغَةِ (عَلَى صِحَّتِهِ) أَيْ إطْلَاقُ ضَارِبٌ (غَدًا وَلَا حَقِيقَةَ) بَلْ هُوَ مَجَازٌ بِالْإِجْمَاعِ (وَحَاصِلُهُ) أَيْ هَذَا الْجَوَابِ الْوَاقِعِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ أَنَّهُ (خَصَّ الْأَصْلَ) فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقِيَّةَ فِي: ضَارِبٌ أَمْسِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُجْرَى هَذَا الْأَصْلُ فِيهِ (لِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ) عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي: ضَارِبٌ غَدًا لِلْإِجْمَاعِ (عَلَى مَجَازِيَّةِ الثَّانِي) يَعْنِي: ضَارِبٌ غَدًا فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَجَازِيَّةِ الْأَوَّلِ أَعْنِي: ضَارِبٌ أَمْسِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ حَذْفُ (وَلَيْسَ مِثْلُهُ فِي الْآخَرِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْ لَيْسَ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ الْإِطْلَاقُ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ دَلِيلُ تَخْصِيصِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَنَا: الْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ فَيُعْمَلُ بِعُمُومِهِ فِيهِ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ بَعْدَهُ حَقِيقَةٌ اهـ.

وَإِنَّمَا اُتُّفِقَ هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي النُّسَخِ مَكَانَ وَحَاصِلُهُ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ يُخَصُّ الْأَصْلُ لِدَلِيلٍ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مَجَازِيَّةِ الثَّانِي دَلِيلُهُ اهـ وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَمَّا وَقَعَ التَّغْيِيرُ إلَى هَذَا وَقَعَ الذُّهُولُ عَنْ حَذْفِهِ ثُمَّ هُوَ مِمَّا يَصْلُحُ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِطْلَاقِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ حَقِيقَةً كَوْنُهُ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ حَقِيقَةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَالُوا) ثَانِيًا (لَوْ لَمْ يَصِحَّ) كَوْنُ إطْلَاقِ الْوَصْفِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مَعْنَاهُ (حَقِيقَةً لَمْ يَصِحَّ الْمُؤْمِنُ لِغَافِلٍ وَنَائِمٍ) حَقِيقَةً لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُبَاشِرَيْنِ لِلْإِيمَانِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ فُسِّرَ بِالتَّصْدِيقِ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَالْإِجْمَاعُ أَنَّهُ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ (لَا يَخْرُجُ بِهِمَا) أَيْ بِالْغَفْلَةِ وَالنَّوْمِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا (أُجِيبَ أَنَّهُ) أَيْ بِإِطْلَاقِ الْمُؤْمِنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (مَجَازٌ) بِدَلِيلِ عَدَمِ اطِّرَادِهِ (لِامْتِنَاعِ كَافِرٍ لِمُؤْمِنٍ لِكُفْرٍ تَقَدَّمَ) أَيْ لِامْتِنَاعِ إطْلَاقِ كَافِرٍ عَلَى مُؤْمِنٍ تَقَدَّمَ كُفْرُهُ (وَإِلَّا كَانَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ كُفَّارًا حَقِيقَةً) كَمَا أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ حَقِيقَةً (وَكَذَا النَّائِمُ لِلْيَقْظَانِ) يَكُونُ حَقِيقَةً كَمَا أَنَّ الْيَقْظَانَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ وَإِلَّا لَزِمَ الِاتِّصَافُ بِالْمُتَقَابَلِينَ حَقِيقَةً وَهُوَ بَاطِلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>