وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ مُخَطِّئَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَرْكِ الْعَوْلِ، وَهُوَ) أَيْ ابْنُ عَبَّاسٍ (خَطَّأَهُمْ) فِي الْقَوْلِ بِهِ (فَقَالَ مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ) أَيْ لَاعَنْتُهُ، وَالْحَقِيقَةُ التَّضَرُّعُ فِي الدُّعَاءِ بِاللَّعْنِ (إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ فِي مَالٍ وَاحِدٍ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا) لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى إنْكَارِ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ صَرِيحًا وَقَدَّمْنَا فِي الْإِجْمَاعِ فِي مَسْأَلَةِ إذَا أَفْتَى بَعْضُهُمْ تَخْرِيجَ تَخْطِئَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنًى لِلْقَائِلِينَ بِنَحْوِ هَذَا السِّيَاقِ بِدُونِ مَنْ شَاءَ بَاهَلْته
(وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْكَلَالَةِ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي) فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ (إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي، وَمِنْ الشَّيْطَانِ) أَرَاهُ مَا خَلَا الْوَلَدَ، وَالْوَالِدَ فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَرُ قَالَ: إنِّي لِأَسْتَحِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَأَيْت فِي الْكَلَالَةِ رَأْيًا، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنْ قِبَلِي وَالشَّيْطَانِ، الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَالِدَ، وَالْوَلَدَ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُفَوِّضَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (أَجْتَهِدُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مُخَرَّجًا وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ مَسْعُودٍ (مِثْلُ) قَوْلِ (أَبِي بَكْرٍ) الْمَاضِي فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْهُ، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي، وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَثَرُ بِدُونِ هَذَا فِي الْكَلَامِ فِي جَهَالَةِ الرَّاوِي (وَقَوْلُ عَلِيٍّ لِعُمَرَ فِي الْمُجْهِضَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَسْقَطَتْ جَنِينًا مَيِّتًا خَوْفًا مِنْ عُمَرَ لَمَّا اسْتَحْضَرَهَا وَسَأَلَ عُمَرُ مَنْ حَضَرَهُ عَنْ حُكْمِ ذَلِكَ فَقَالَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ لَا نَرَى عَلَيْك شَيْئًا ثُمَّ سَأَلَ عَلِيًّا: مَاذَا تَقُولُ فَقَالَ: (إنْ كَانَا قَدْ اجْتَهَدَا فَقَدْ أَخْطَآ يَعْنِي عُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَهِدَا فَقَدْ غَشَّاكَ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ الْعَضُدِيِّ
وَعَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الْمُجْهِضَةِ إنْ كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ غَشَّك انْتَهَى، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ فَأَخْرَجَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْأَجْنَادِ يَغْشَاهَا الرِّجَالُ بِاللَّيْلِ يَدْعُوهَا وَكَانَتْ تَرْقَى فِي دَرَجٍ فَفَزِعَتْ فَأَلْقَتْ حَمْلَهَا فَاسْتَشَارَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فِيهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إنَّك مُؤَدِّبٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك قَالَ عَلِيٌّ: إنْ اجْتَهَدَ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ غَشَّك عَلَيْك الدِّيَةُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ: عَزَمْت عَلَيْك لَتَقْسِمَنَّهَا عَلَى قَوْمِك قِيلَ أَرَادَ قَوْمَ عُمَرَ وَأَضَافَهُمْ إلَى عَلِيٍّ إكْرَامًا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي إنْ كَانَ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْعَضُدِيِّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا لِعُثْمَانَ كَمَا ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ ثُمَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَصْحَابِنَا وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا عَلَى أُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْحَسَنَ وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ ثُمَّ الْإِجْهَاضُ إلْقَاءُ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَالْمَعْرُوفُ تَخْصِيصُهُ بِالْإِبِلِ قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ.
(وَاسْتُدِلَّ) لِلْمُخْتَارِ بِأَوْجُهٍ ضَعِيفَةٍ أَحَدُهَا إنْ كَانَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْمُجْتَهِدَيْنِ، أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا دَلِيلٍ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدِّينِ بِلَا دَلِيلٍ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمَا بِدَلِيلٍ فَالْجَوَابُ (إنْ تَسَاوَى دَلِيلَاهُمَا تَسَاقَطَا) وَكَانَ الْحُكْمُ الْوَقْفَ، أَوْ التَّخْيِيرَ فَكَانَا فِي النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ مُخْطِئَيْنِ (وَإِلَّا) إنْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا (تَعَيَّنَ الرَّاجِحُ) لِلصِّحَّةِ وَيَكُونُ الْآخَرُ خَطَأً إذْ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْمَرْجُوحِ (وَأُجِيبَ أَنَّ ذَلِكَ) التَّقْسِيمَ إنَّمَا هُوَ (بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنَّ الْأَمَارَاتِ تُرَجِّحُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِ) إذْ لَيْسَتْ أَدِلَّةً فِي نَفْسِهَا بَلْ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَظَرِ النَّاظِرِ، فَإِنَّهَا أُمُورٌ إضَافِيَّةٌ لَا حَقِيقِيَّةٌ (فَكُلٌّ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ (رَاجِحٌ عِنْدَ قَائِلِهِ وَصَوَابٌ) لِرُجْحَانِ أَمَارَتِهِ عِنْدَهُ، وَرُجْحَانُهُ عِنْدَهُ هُوَ رُجْحَانُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِظَنِّ الْمُجْتَهِدِ ثَانِيهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَبِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ طَالِبٌ) لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ اللَّهِ فِي الْوَاقِعَةِ (وَيَسْتَحِيلُ) طَالِبٌ (بِلَا مَطْلُوبٍ) فَإِذَنْ لَهُ مَطْلُوبٌ (فَمَنْ أَخْطَأَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ فَهُوَ (الْمُخْطِئُ) ، وَمِنْ وَجَدَهُ فَهُوَ الْمُصِيبُ (أُجِيبَ نَعَمْ) يَسْتَحِيلُ طَالِبٌ وَلَا مَطْلُوبَ (فَهُوَ) أَيْ الْمَطْلُوبُ (غَلَبَةُ ظَنِّهِ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ (فَيَتَعَدَّدُ الصَّوَابُ) لِتَعَدُّدِ الْغَالِبِ عَلَى الظُّنُونِ لِلْمُجْتَهِدِينَ ثَالِثُهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى شَرْعِ الْمُنَاظَرَةِ) بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ (وَفَائِدَتُهَا ظُهُورُ الصَّوَابِ) عَنْ الْخَطَإِ وَتَصْوِيبُ الْجَمِيعِ يَنْفِي ذَلِكَ (وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ) أَيْ حَصْرِ فَائِدَةِ الْمُنَاظَرَةِ فِي ذَلِكَ (لِجَوَازِهَا) أَيْ فَائِدَتِهَا أَنْ تَكُونَ (تَرْجِيحًا) أَيْ بَيَانُ تَرْجِيحِ إحْدَى الْأَمَارَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute