للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبح الشرعي. وقوله وَساءَ سَبِيلًا إشارة إلى القبح في العرف والعادة. ومتى اجتمعت فيه هذه الوجوه فقد بلغ الغاية في القبح» «١» .

وقال الإمام ابن كثير، فمن تعاطى هذا النكاح بعد ذلك- أى استباح تعاطيه- فقد ارتد عن دينه فيقتل ويصير ماله فيئا لبيت المال. لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من طرق عن البراء بن عازب أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده، فأمره أن يقتله ويأخذ ماله.

وفي رواية عن البراء قال، مرّ بي عمى الحارث بن عمير ومعه لواء قد عقده له النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له، أى عم، أين بعثك النبي صلى الله عليه وسلم فقال، بعثني إلى رجل تزوج امرأة أبيه فأمرنى أن أضرب عنقه» «٢» .

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك من يحرم نكاحهن من الأقارب فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وليس المراد بقوله حُرِّمَتْ تحريم ذاتهن، لأن الحرمة لا تتعلق بالذوات وإنما تتعلق بأفعال المكلفين. فالكلام على حذف مضاف أى حرم عليكم نكاح أمهاتكم وبناتكم.. إلخ وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله، معنى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ تحريم نكاحهن لقوله.

وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ولأن تحريم نكاحهن هو الذي يفهم من تحريمهن، كما يفهم من تحريم الخمر تحريم شربها. ومن تحريم لحم الخنزير تحريم أكله» «٣» .

وقد ذكر- سبحانه- في هذه الجملة الكريمة أربع طوائف من الأقارب يحرم نكاحهن.

أما الطائفة الأولى: طائفة الأمهات من النسب. أى حرم الله عليكم نكاح أمهاتكم من النسب، ويعم هذا التحريم أيضا الجدات سواء أكن من جهة الأب أم من جهة الأم، لأنه إذا كان يحرم نكاح العمة أو الخالة فمن الأولى أن يكون نكاح الجدة محرما، إذ الأم هي طريق الوصول في القرابة إلى هؤلاء. وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح الجدات.

والطائفة الثانية: هي طائفة الفروع من النساء، وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله وَبَناتُكُمْ بالعطف على أمهاتكم.

أى حرم الله عليكم نكاح أمهاتكم ونكاح بناتكم.


(١) تفسير الفخر الرازي ج ٩ ص ٢٤.
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٦٨.
(٣) تفسير الكشاف ج ١ ص ٤٩٤. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>