للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: فما انتفعتم وتلذذتم به من النساء عن طريق النكاح الصحيح فآتوهن أجورهن عليه.

ويصح أن تكون ما واقعة على النساء باعتبار الجنس أو الوصف. وأعاد الضمير عليها مفردا في قوله بِهِ باعتبار لفظها، وأعاده عليها جمعا في قوله مِنْهُنَّ باعتبار معناها.

ومن في قوله مِنْهُنَّ للتبعيض أو للبيان. والجار والمجرور في موضع النصب على الحال من ضمير بِهِ:

والمعنى: فأى فرد أو الفرد الذي تمتعتم به حال كونه من جنس النساء أو بعضهن فأعطوهن أجورهن على ذلك. والمراد من الأجور: المهور. وسمى المهر أجرا لأنه بدل عن المنفعة لا عن العين.

وقوله فَرِيضَةً مصدر مؤكد لفعل محذوف أى: فرض الله عليكم ذلك فريضة. أو حال من الأجور بمعنى مفروضة. أى: فآتوهن أجورهن حالة كونها مفروضة عليكم.

ثم بين- سبحانه- أنه لا حرج في أن يتنازل أحد الزوجين لصاحبه عن حقه أو عن جزء منه ما دام ذلك حاصلا بالتراضي فقال- تعالى-: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.

أى: لا إثم ولا حرج عليكم فيما تراضيتم به أنتم وهن من إسقاط شيء من المهر أو الإبراء منه أو الزيادة عليه ما دام ذلك بالتراضي بينكم ومن بعد اتفاقكم على مقدار المهر الذي سميتموه وفرضتموه على أنفسكم.

وقد ذيل- سبحانه- الآية الكريمة بقوله إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً لبيان أن ما شرعه هو بمقتضى علمه الذي أحاط بكل شيء، وبمقتضى حكمته التي تضع كل شيء في موضعه.

فأنت ترى أن الآية الكريمة مسوقة لبيان بعض الأنواع من النساء اللاتي حرم الله نكاحهن، ولبيان ما أحله الله منهن بعبارة جامعة، ثم لبيان أن الله- تعالى- قد فرض على الأزواج الذين يبتغون الزوجات عن طريق النكاح الصحيح الشريف أن يعطوهن مهورهن عوضا عن انتفاعهم بهن، وأنه لا حرج في أن يتنازل أحد الزوجين لصاحبه عن حقه أو عن شيء منه ما دام ذلك بسماحة نفس، ومن بعد تسمية المهر المقدر.

هذا، وقد حمل بعض الناس هذه الآية على أنها واردة في نكاح المتعة وهو عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين لكي يستمتع بها.

قالوا: لأن معنى قوله- تعالى-: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ: فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>