للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جامعتموهن ممن نكحتموهن نكاح المتعة فآتوهن أجورهن.

ولا شك أن هذا القول بعيد عن الصواب، لأنه من المعلوم أن النكاح الذي يحقق الإحصان والذي لا يكون الزوج به مسافحا. هو النكاح الصحيح الدائم المستوفى شرائطه، والذي وصفه الله بقوله وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً.

وإذا فقد بطل حمل الآية على أنها في نكاح المتعة لأنها تتحدث عن النكاح الصحيح الذي يتحقق معه الإحصان، وليس النكاح الذي لا يقصد به إلا سفح الماء وقضاء الشهوة.

قال ابن كثير: وقد استدل بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولا شك أنه كان مشروعا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك. وقد روى عن ابن عباس وطائفة من الصحابة القول بإباحتها للضرورة. ولكن الجمهور على خلاف ذلك، والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وفي صحيح مسلم عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

«يا أيها الناس إنى كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كانت عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا» «١» .

وقال الآلوسى: وقيل الآية في المتعة، وهي النكاح إلى أجل معلوم من يوم أو أكثر.

والمراد، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ من استئناف عقد آخر بعد انقضاء الأجل المضروب في عقد المتعة، بأن يزيد الرجل في الأجر وتزيد المرأة في المدة، وإلى ذلك ذهبت الإمامية- من طائفة الشيعة- ثم قال: ولا نزاع عندنا في أنها أحلت ثم حرمت، والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين. فقد كانت حلالا قبل يوم خيبر ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاث تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة ... » «٢» .

وقال بعض العلماء: وهذا النص وهو قوله- تعالى- فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً قد تعلق به بعض المفسدين الذين لم يفهموا معنى العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة، فادعوا أنه يبيح المتعة ... والنص بعيد عن هذا المعنى الفاسد بعد ما قالوه عن الهداية لأن الكلام كله في عقد الزواج فسابقه ولا حقه في عقد الزواج، والمتعة حتى على كلامهم لا يسمى عقد نكاح أبدا.


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٧٤
(٢) تفسير الآلوسى ج ٥ ص ٧- بتصرف وتلخيص-.

<<  <  ج: ص:  >  >>