للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ) .

قال الفخر الرازي ما ملخصه: ويرى الضحاك أنه ليس المراد من لفظ سُكارى السكر من الخمر، وإنما المراد منه سكر النوم. لأن لفظ السكر يستعمل في النوم فكان هذا اللفظ محتملا له....

ثم قال الرازي: واعلم أن القول الصحيح هو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو أن المراد من لفظ سُكارى السكر من الخمر، لأن لفظ السكر حقيقة في السكر من شرب الخمر، والأصل في الكلام الحقيقة ... ، ولأن جميع المفسرين قد اتفقوا على أن هذه الآية إنما نزلت في شرب الخمر ... ) «١»

٥- استدلوا بقوله- تعالى- وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد، إلا أنه يجوز له المرور فيه.

قال ابن كثير ما ملخصه: قال ابن عباس في قوله وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ: لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل. أى: تمر به مرا ولا تجلس.

وروى ابن جرير عن يزيد بن أبى حبيب في قوله- تعالى- وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون مرورا إلا في المسجد. فأنزل الله- تعالى- وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ويشهد لصحة ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبى بكر ... )

وبهذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد، ويجوز له المرور، وكذا الحائض والنفساء أيضا متى أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور ...

ثم قال ابن كثير: وقوله حَتَّى تَغْتَسِلُوا دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعى من أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل أو يتيمم إن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله. وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد، لما روى من أن صحابة كانوا يفعلون ذلك. وعن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنون إذا توضأوا وضوء الصلاة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم) «٢» .


(١) تفسير الفخر الرازي ج ١ ص ١٠٩- بتصرف وتلخيص.
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>