للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها ما أخرجه ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا فلان مالي أراك محزونا؟ فقال الرجل: يا نبي الله شيء فكرت فيه. فقال ما هو؟ قال: نحن نغدو عليك ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك. وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك. فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. فأتاه جبريل بهذه الآية. وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ.. إلخ.

قال: فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فبشره» «١» .

والمعنى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ بالانقياد لأمره ونهيه، ويطع الرَّسُولَ في كل ما جاء به من ربه «فأولئك» المطيعون مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بالنعم التي تقصر العبارات عن تفصيلها وبيانها.

وقوله: مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ بيان للمنعم عليهم الذين يكون المطيع في صحبتهم ورفقتهم.

أى: فأولئك المتصفون بتمام الطاعة لله- تعالى- ولرسوله صلى الله عليه وسلم، يكونون يوم القيامة في صحبة الأنبياء الذين أرسلهم الله مبشرين ومنذرين فبلغوا رسالته ونالوا منه- سبحانه- أشرف المنازل.

وبدأ- سبحانه- بالنبيين لعلو درجاتهم، وسمو منزلتهم على من عداهم من البشر.

وقوله وَالصِّدِّيقِينَ جمع صديق وهم الذين صدقوا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تصديقا لا يخالجه شك، ولا تحوم حوله ريبة، وصدقوا في دفاعهم عن عقيدتهم وتمسكهم بها، وسارعوا إلى ما يرضى الله بدون تردد أو تباطؤ.

وقوله وَالشُّهَداءِ جمع شهيد. وهم الذين استشهدوا في سبيل الله، ومن أجل إعلاء دينه وشريعته.

وقوله وَالصَّالِحِينَ جمع صالح. وهم الذين صلحت نفوسهم، واستقامت قلوبهم وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم ونحو أنفسهم ونحو غيرهم.

هؤلاء هم الأخيار الأطهار الذين يكون المطيعون لله ولرسوله في رفقتهم وصحبتهم.

قال الفخر الرازي: «وليس المراد بكون من أطاع الله وأطاع الرسول مع النبيين والصديقين ... كون الكل في درجة واحدة، لأن هذا يقتضى التسوية في الدرجة بين الفاضل


(١) تفسير ابن جرير ج ٥ ص ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>