للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمفضول. وأنه لا يجوز. بل المراد كونهم في الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الأخر، وإن بعد المكان، لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضا: وإذا أرادوا الزيارة والتلاقي قدروا عليه. فهذا هو المراد من هذه المعية.

ثم قال: وقد دلت الآية على أنه لا مرتبة بعد النبوة في الفضل والعلم إلا هذا الوصف. وهو كون الإنسان صديقا ولذا أينما ذكر في القرآن الصديق والنبي لم يجعل بينهما واسطة كما قال- تعالى- في صفة إدريس إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا «١» .

وقوله- تعالى وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً تذييل مقرر لما قبله مؤكد للترغيب في العمل الصالح الذي يوصل المسلم إلى صحبة هؤلاء الكرام.

وقوله حَسُنَ فعل مراد به المدح ملحق بنعم. ومضمن معنى التعجب من حسنهم.

واسم الإشارة أُولئِكَ يعود إلى كل صنف من هذه الأصناف الأربعة وهم النبيون ومن بعدهم.

والرفيق: هو المصاحب الذي يلازمك في عمل أو سفر أو غيرهما. وسمى رفيقا لأنك ترافقه ويرافقك ويستعين كل واحد منكما بصاحبه في قضاء شئونه. وهو مشتق من الرفق بمعنى لين الجانب، ولطف المعاشرة.

ولم يجمع، لأن صيغة فعيل يستوي فيها الواحد وغيره.

والمعنى وحسن كل واحد من أولئك الأخيار- وهم الأنبياء ومن بعدهم- رفيقا ومصاحبا في الجنة لأن رفقة كل واحد منهم تشرح الصدور، وتبهج النفوس.

والمخصوص بالمدح محذوف أى: وحسن كل واحد من المذكورين رفيقا أو وحسن المذكورون أو الممدوحون رفيقا، لأن حسن لها حكم نعم.

وقوله أُولئِكَ فاعل حسن. ورفيقا تمييز.

قال صاحب الكشاف وقوله وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً فيه معنى التعجب كأنه قيل:

وما أحسن أولئك رفيقا. ولاستقلاله بمعنى التعجب قرئ وحسن بسكون السين) «٢» .

واسم الإشارة ذلِكَ في قوله ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ يعود إلى ما ثبت للمطيعين من أجر جزيل، ومزيد هداية، وحسن رفقة. وهو مبتدأ. وقوله الْفَضْلُ صفته، والجار والمجرور


(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٠ ص ١٧١.
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٥٣١ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>