للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفر. فأما من كان من المدينة في دار الهجرة مقيما من المنافقين وأهل الشرك فلم يكن عليه فرض هجرة «١» .

والفاء في قوله فَما لَكُمْ للتفريع على ما تقدم من أخبار المنافقين وأحوالهم أو هي للإفصاح و «ما» مبتدأ و «لكم» خبره.

قال الجمل: وقوله «في المنافقين» فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه متعلق بما تعلق به الخبر وهو «لكم» أى: أى شيء كائن لكم أو مستقر لكم في أمر المنافقين.

والثاني: أنه متعلق بمعنى فئتين، فإنه لي قوة: ما لكم تفترقون في أمر المنافقين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

والثالث: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من فئتين، لأنه في الأصل صفة لها تقديره:

فئتين مفترقتين في المنافقين وصفة النكرة إذا تقدمت عليها انتصبت حالا. وقوله «فئتين» حال من ضمير «لكم» المجرور والعامل فيه الاستقرار أو الظرف لنيابته عنه ... «٢» .

والاستفهام لإنكار خلافهم في شأن المنافقين ولوم المؤمنين الذين أحسنوا الظن بالمنافقين مع أن أحوال هؤلاء المنافقين تدعو إلى سوء الظن بهم.

والمعنى: لقد سقت لكم- أيها المؤمنون- من أحوال المنافقين ما يكشف عن خبثهم ومكرهم، وبينت لكم من صفاتهم ما يدعو إلى الحذر منهم وسوء الظن بهم، وإذا كان هذا هو حالهم فما الذي سوغ لكم أن تختلفوا في شأنهم إلى فئتين؟ فئة تحسن الظن بهم وتدافع عنهم، وفئة أخرى صادقة الفراسة، سليمة الحكم لأنها عند ما رأت الشر قد استحوذ على المنافقين أعرضت عنهم، واحتقرتهم، وأخذت حذرها منهم، وحكمت عليهم بالحكم الذي رضيه الله- تعالى.

والآن- أيها المؤمنون- بعد أن ظهر الحق، وانكشف حال أولئك المنافقين، عليكم أن تتركوا الخلاف في شأنهم، وأن تتفقوا جميعا على أنهم قوم بعيدون عن الحق والإيمان.

ومنغمسون في الضلال والبطلان.

وقوله وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا حال من المنافقين مفيد لتأكيد الإنكار السابق أى: لم تختلفون- أيها المؤمنون- في شأن المنافقين هذا الاختلاف والحال أن الله- تعالى- قد ردهم


(١) تفسير ابن جرير ج ٥ ص ١٩٤
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ٤٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>