للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله وَدِيَةٌ معطوف على «فتحرير» وقوله مُسَلَّمَةٌ صفة لدية. وقوله إِلى أَهْلِهِ متعلقة بمسلمة.

قال القرطبي ما ملخصه: ولم يعين الله في كتابه ما يعطى في الدية، وإنما في الآية إيجاب الدية مطلقا، وليس فيها إيجابها على العاقلة أو على القاتل، وإنما أخذ ذلك من السنة.

والعاقلة: قرابات الرجل من جهة أبيه وهم عصبته..

وقد ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الدية مائة من الإبل. ووداها صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن سهل المقتول بخيبر فكان ذلك بيانا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لمجمل الكتاب واختلفوا فيما يجب على غير أهل الإبل، فقالت طائفة: على أهل الذهب ألف دينار. وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم.

وقد ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة. وأجمع أهل العلم على القول به «١» .

ففي الصحيحين عن أبى هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل. فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها. فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة: عبد وأمة. وقضى بدية المرأة على عاقلتها «٢» .

قالوا: وإنما كانت دية القتل الخطأ على العاقلة، لأن القاتل لو دفعها لأوشكت أن تأتى على جميع ماله، وليكون ذلك دليلا على تضافر الأسرة وتعاونها. وإذا كان القاتل فقيرا وأسرته فقيرة، فإن دية المقتول تكون على بيت مال المسلمين، حتى لا يهدر دم القتيل.

قال القاسمى: تجب الدية على كل عاقلة القاتل. وهم عصبته غير الأصول والفروع «٣» .

لأنه لما عفى عن القاتل فلا وجه للأخذ منه. وأصوله وفروعه أجزاؤه فالأخذ منهم أخذ منه.

ولا وجه لإهدار دم المؤمن. فيؤخذ من عاقلته الذين يرثونه بأقوى الجهات وهي العصبية، لأن الغرم بالغنم. فإن لم يكن له عاقلة أو كانوا فقراء فعلى بيت المال «٤» .

والتعبير عن أداء الدين بقوله مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ يومئ إلى وجوب حسن الأداء بأن تسلم هذه الدية إلى أسرة القتيل بكل سماحة ولطف جبرا لخاطرها عما أصابها.


(١) تفسير القرطبي ج ٥ ص ٣١٥
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٣٥
(٣) هذا رأى الشافعى ورواية عن أحمد، وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أظهر روايته بدخول الأصول والفروع في العاقلة.
(٤) تفسير القاسمى ج ٥ ص ١٤٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>