للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم الجنس أشبهوا النكرة فوصفوا بها.

وأما النصب فعلى: الاستثناء من الْقاعِدُونَ وهو الأظهر، لأنه المحدث عنه.

وأما الجر فعلى أنه صفة للمؤمنين «١» .

وقوله: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى بيان لمزية المجاهدين على غيرهم.

والمراد بالقاعدين هنا- الذين قعدوا عن الجهاد لسبب مانع من مباشرته أى: فضل الله- تعالى- المجاهدين بأموالهم وأنفسهم من أجل إعزاز دينه، فضلهم درجة على القاعدين بأعذار، لأن المجاهدين قد عرضوا أنفسهم للمخاطر والأهوال، وبذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله.

والدرجة هنا مستعارة للعلو المعنوي أى أن المراد بها هو الفضل، ووفرة الأجر وزيادة الثواب. والتنوين فيها للتعظيم.

قال ابن جرير: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من أولى الضرر درجة واحدة، يعنى فضيلة واحدة. وذلك بفضل جهادهم بأنفسهم فأما فيما سوى ذلك فهما مستويان» «٢» .

وقوله وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى جملة معترضة جيء بها تداركا لما عسى أن يوهمه تفضيل أحد الفريقين على الآخر من حرمان المفضول.

أى: وكل واحد من فريقى المجاهدين والقاعدين من أهل الضرر وعده الله المثوبة الحسنى وهي الجنة لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم، وإنما التفاوت في زيادة العمل المقتضى لمزيد الثواب.

وقوله كُلًّا مفعول أول لما يعقبه قدم عليه لإفادة القصر تأكيدا للوعد وتنوينه عوض عن المضاف إليه. وقوله الْحُسْنى مفعول ثان.

ثم بين- سبحانه- أنه قد فضل المجاهدين على القاعدين بغير عذر بدرجات عظيمة فقال وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً.

أى: وفضل الله- تعالى- المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين دون أن يكون هناك


(١) حاشية الجمل على الجليلين ج ١ ص ٤١٥
(٢) تفسير ابن جرير ج ١ ص ٢٣١ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>