عذر يمنعهم عن الجهاد، فضل الله المجاهدين على هؤلاء القاعدين بالأجر العظيم والثواب الجزيل، والمنزلة الرفيعة.
وقوله أَجْراً عَظِيماً منصوب على النيابة عن المفعول المطلق المبين للنوع، لأن الأجر هو ذلك التفضيل. أو على نزع الخافض أى فضلهم بأجر عظيم. أو على أنه مفعول ثان بتضمين فضل معنى أعطى أى أعطاهم أجرا تفضلا منه.
ثم فصل- سبحانه- هذا الأجر العظيم فقال دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً.
أى فضل الله- تعالى- المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين عن الجهاد بغير عذر بالأجر العظيم الذي يرفعهم عند الله- تعالى- درجات عالية ويقربهم من مقامات قدسه، ويغفر لهم ما فرط منهم، ويتغمدهم بسابغ رحمته وكان الله كثير الغفران لأوليائه واسع الرحمة بأهل طاعته.
وقوله دَرَجاتٍ مِنْهُ بدل أو عطف بيان من قوله أَجْراً عَظِيماً. وقوله مِنْهُ جار ومجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لدرجات.
ونكرت الدرجات للإشعار بأنها درجات عظيمة لا يحدها الحصر، ولا يعينها المقدار، بل هي شرف عظيم لا يناله إلا المقربون الأبرار.
هذا، وما جرينا عليه من أن المجاهدين يمتازون عن القاعدين بعذر بدرجة، ويمتازون عن القاعدين بغير عذر بدرجات هو رأى كثير من المفسرين، وقد عبر عنه صاحب الكشاف بقوله:
فإن قلت: قد ذكر الله- تعالى- مفضلين درجة ومفضلين درجات فمن هم؟ قلت: أما المفضلون درجة واحدة فهم الذين فضلوا على القاعدين الأضراء. وأما المفضلون درجات فالذين فضلوا على القاعدين الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم، لأن الغزو فرض كفاية «١» .
ومن المفسرين من يرى أن الذين فضل الله عليهم المجاهدين بدرجة وبدرجات هم صنف واحد، وهم الذين قعدوا عن الجهاد بدون عذر. أما الذين قعدوا بعذر فهم متساوون في الأجر مع المجاهدين.
وعلى هذا الرأى سار الآلوسى في تفسيره فقد قال ما ملخصه:«فضل الله المجاهدين» في سبيله «بأموالهم وأنفسهم على القاعدين» من المؤمنين غير أولى الضرر دَرَجَةً لا يقادر