أى: ولا حرج ولا إثم عليكم- أيها المؤمنون- في أن تضعوا أسلحتكم في أغمادها فلا تحملوها إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ يثقل معه حمل السلاح أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى بحيث يشق عليكم حملها، ومع كل هذا فلا بد من أخذ الحذر من أعدائكم، بأن تكونوا على يقظة تامة من مكرهم، وعلى أحسن استعداد لدحرهم إذا ما باغتوكم بالهجوم.
وقوله إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً تذييل قصد به تشجيع المؤمنين على مقاتلة أعدائهم وأخذ الحذر منهم.
أى: إن الله- تعالى- أعد لأعدائكم الكافرين عذابا مذلا لهم في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فبنصركم عليهم وإذهاب صولتهم ودولتهم، كما قال- تعالى- قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.
وأما في الآخرة فبالعذاب الذي يهينهم ويذلهم ولا يستطيعون منه نجاة أو مهربا. وإذا كان الأمر كذلك فباشروا- أيها المؤمنون- الأسباب التي توصلكم إلى النصر عليهم.
هذا، ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى:
١- قال الآلوسى: تعلق بظاهر قوله- تعالى- وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ. من خص صلاة الخوف بحضرته صلى الله عليه وسلم كالحسن بن زيد ونسب ذلك أيضا لأبى يوسف، ونقله عنه الجصاص في كتاب الأحكام، وعامة الفقهاء على خلافه فإن الأئمة بعده صلى الله عليه وسلم نوابه، وقوام بما كان يقوم به فيتناولهم حكم الخطاب الوارد له عليه الصلاة والسلام كما في قوله خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وقد أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم عن ثعلبة بن زهدم. قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا. ثم وصف له ذلك فصلوا كما وصف، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكره أحد منهم. وهم الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، وهذا يحل محل الإجماع «١» .
٢- أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة مشروعية صلاة الخوف وصفتها وأنه يطلب فيها حمل السلاح إلا لعذر. وقد روى المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن أبى عياش الزرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد. وهم بيننا وبين القبلة. فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا: قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا: تأتى عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم