للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره معنى التهديد لأولئك الجاحدين للرسالة السماوية، فقد أجاب الله تعالى، دعاءه في الكافرين فأغرقهم أجمعين.

قال الجمل: وإنما بدأ الله- تعالى- بذكر نوح- عليه السلام- لأنه أول نبي بعث بشريعة، وأول نذير على الشرك. وكان أول من عذبت أمته لردهم دعوته. وكان أطول الأنبياء عمرا «١» .

والتشبيه في قوله: كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ تشبيه بجنس الوحى، وإن اختلفت أنواعه، واختلف الموحى به.

والكاف في قوله كَما نعت لمصدر محذوف، وما مصدرية. أى: إنا أوحينا إليك إيحاء مثل إيحائنا إلى نوح- عليه السلام-.

وقوله مِنْ بَعْدِهِ جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة للنبيين أى: والنبيين الكائنين من بعده أى: من بعد نوح.

وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ معطوف على أوحينا إلى نوح، داخل معه في حكم التشبيه.

أى: أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وكما أوحينا إلى إبراهيم بن آزر، وكما أوحينا إلى ابنه إسماعيل، وابنه إسحاق، وكما أوحينا إلى يعقوب بن إسحاق، وكما أوحينا إلى الأسباط وهم أولاد يعقوب.

قال الآلوسى: والأسباط هم أولاد يعقوب- عليه السلام- في المشهور. وقال غير واحد:

إن الأسباط في ولد إسحاق كالقبائل في أولاد إسماعيل وقد بعث منهم عدة رسل. فيجوز أن يكون- سبحانه- أراد بالوحي إليهم، الوحى إلى الأنبياء منهم. كما تقول: أرسلت إلى بنى تميم، وتريد أرسلت إلى وجوههم ولم يصح أن الأسباط الذين هم إخوة يوسف كانوا أنبياء، بل الذي صح عندي- وألف فيه الجلال السيوطي رسالة- خلافه» «٢» .

وكرر- سبحانه- كلمة وَأَوْحَيْنا للإشعار بوجود فترة زمنية طويلة بين نوح وبين إبراهيم- عليهما السلام-.

ثم ذكر- سبحانه- عددا آخر من الأنبياء تشريفا وتكريما لهم فقال وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ٤٨٨
(٢) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>