للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى هؤلاء الأنبياء السابقين، وكما أوحينا إلى عيسى ابن مريم الذي أنكر نبوته اليهود الذين يسألونك الأسئلة المتعنتة، وإلى أيوب الذي ضرب به المثل في الصبر، وإلى يونس بن متى الذي لم ينس ذكر الله وهو في بطن الحوت، وإلى هارون أخى موسى، وإلى سليمان بن داود الذي آتاه الله ملكا لم يؤته لأحد من بعده.

وقوله: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً معطوف على قوله: أوحينا، وداخل في حكمه لأن إيتاء الزبور من باب الإيحاء.

وأوثر. قوله هنا: وآتينا على أوحينا لتحقق المماثلة في أمر خاص وهو إيتاء الكتاب بعد تحققها في مطلق الإيحاء.

والزبور- بفتح الزاى- اسم الكتاب الذي أنزله الله على داود- عليه السلام- قالوا: ولم يكن فيه أحكام، بل كان كله مواعظ وحكم وتقديس وتحميد وثناء على الله- تعالى-.

ولفظ (زبور) هنا بمعنى مزبور أى مكتوب. فهو على وزن فعول ولكن بمعنى مفعول. وزبر معناه كتب. أى: وآتينا داود كتابا مكتوبا.

ثم أجمل- سبحانه- بيان الرسل الذين أرسلهم فقال: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ.

وقوله وَرُسُلًا منصوب بفعل مقدر قبله. أى: وأرسلنا رسلا قد أخبرناك عنهم، وقصصنا عليك أنباءهم فيما نزل عليك من قرآن قبل نزول هذه الآيات عليك. وأرسلنا رسلا آخرين غيرهم لم نقصص عليك أخبارهم لأن حكمتنا تقتضي ذلك، ولأن فيما قصصناه عليك من أخبار بعضهم عظات وعبرا لقوم يؤمنون.

هذا، وقد تكلم بعض العلماء عن عدد الأنبياء والرسل، واستندوا في كلامهم على أخبار وأحاديث لم تسلم أسانيدها من الطعن فيها.

قال ابن كثير: وقد اختلف في عدة الأنبياء والمرسلين، والمشهور في ذلك حديث أبى ذر الطويل، وذلك فيما رواه ابن مردويه في تفسيره حيث قال: حدثنا إبراهيم بن محمد. عن أبى إدريس الخولاني عن أبى ذر قال: قلت يا رسول الله: كم عدد الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. قلت يا رسول الله. كم الرسل منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر..» «١» .

وقوله: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً تشريف لموسى- عليه السلام- بهذه الصفة ولهذا يقال


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>