للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو- سبحانه-. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا التي جاء بها نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ أى: أولئك الموصوفون بما ذكر من الكفر والتكذيب بآياتنا هم المستحقون لدخول النار المشتعلة الشديدة التأجج، بسبب إيثارهم الكفر على الإيمان والتكذيب على التصديق.

ثم ذكرهم- سبحانه- بنعمة أخرى من نعمه الجزيلة، حتى يزدادوا شكرا له، ووفاء بعهده والتزاما لطاعته فقال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ.

وقد أورد المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة روايات منها ما رواه عبد الرازق عن معمر الزهري عن أبى أسامة عن جابر: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل منزلا وتفرق الناس في العضاة يستظلون تحتها. وعلق النبي صلّى الله عليه وسلّم سلاحه بشجرة فجاء أعرابى إلى سيف رسول الله فأخذه فسله. ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك منى؟ قال: الله- عز وجل- فسقط السيف من يد الأعرابى. فدعا النبي صلّى الله عليه وسلّم أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابى، وهو جالس إلى جانبه ولم يعاقبه.

قال ابن كثير: وذكر محمد بن إسحاق ومجاهد وعكرمة وغير واحد أنها نزلت في شأن بنى النضير حين أرادوا أن يلقوا على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الرحى لما جاءهم يستعينهم في دية العامريين ووكلوا عمرو بن جحاش بذلك. وأمروه إن جلس النبي صلّى الله عليه وسلّم تحت الجدار واجتمعوا عنده أن يلقى تلك الرحى من فوقه. فأطلع الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم على ما تمالئوا عليه. فرجع إلى المدينة وتبعه أصحابه. فأنزل الله في ذلك هذه الآية «١» .

وعلى هاتين الروايتين وما يشبههما يكون المراد بقوله- تعالى- اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تذكير المؤمنين بنعمة الله عليهم حيث نجى نبيهم صلّى الله عليه وسلّم مما أضمره له أعداؤه وأعداؤهم.

وقال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الآية. روى أن المشركين رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معا بعسفان في غزوة ذات أنمار. فلما صلوا ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقالوا: إن لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم- يعنون صلاة العصر- وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إليها. فنزل جبريل بصلاة الخوف «٢» .

وعلى هذه الرواية يكون المراد بقوله- تعالى- اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تذكيرهم برعاية الله لهم ولنبيهم صلّى الله عليه وسلّم من كيد أعدائهم.

وقد رجح ابن جرير أن تكون الآية قد نزلت بسبب ما أضمره بنو النضير من كيد وسوء


(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣١ [.....]
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>