للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: لِلَّذِينَ هادُوا أى: رجعوا عن الكفر. والمراد بهم اليهود. واللام للتعليل.

وقوله: وَالرَّبَّانِيُّونَ معطوف على النَّبِيُّونَ وهو جمع رباني. وهم- كما يقول ابن جرير- العلماء والحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم، والقيام بمصالحهم «١» .

وقوله: الْأَحْبارُ معطوف أيضا على النَّبِيُّونَ.

قال القرطبي ما ملخصه: والأحبار: قال ابن عباس: هم الفقهاء. والحبر بالفتح والكسر- الرجل العالم وهو مأخوذ من التحبير بمعنى التحسين والتزيين، فهم يحبرون العلم.

أى: يبينونه، وهو محبر في صدورهم «٢» والباء في قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ متعلقة بقوله يَحْكُمُ.

وقوله اسْتُحْفِظُوا من الاستحفاظ بمعنى طلب الحفظ بعناية وفهم، إذ أن السين والتاء للطلب، والضمير في اسْتُحْفِظُوا يعود على النبيين والربانيين والأحبار.

والمعنى: إنا أنزلنا التوراة فيها هداية للناس إلى الحق، وضياء لهم من ظلمات الباطل، وهذه التوراة يحكم بها بين اليهود أنبياؤهم الذين أسلموا وجوههم لله، وأخلصوا له العبادة والطاعة، ويحكم أيضا بينهم الربانيون والأحبار الذين هم خلفاء الأنبياء. وكان هذا الحكم منهم بالتوراة بين اليهود، بسبب أنه- تعالى- حملهم أمانة حفظ كتابه، وتنفيذ أحكامه وشرائعه وتعاليمه.

ويصح أن يكون قوله بِمَا اسْتُحْفِظُوا متعلقا بالربانيين والأحبار، وأن يكون الضمير عائدا عليهم وحدهم. أى: على الربانيين والأحبار ويكون الاستحفاظ بمعنى أن الأنبياء قد طلبوا منهم حفظه وتطبيق أحكامه.

والمعنى: كذلك الربانيون والأحبار كانوا يحكمون بالتوراة بين اليهود. بسبب أمر أنبيائهم إياهم بأن يحفظوا كتاب الله من التغيير والتبديل.

وقوله: وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ معطوف على اسْتُحْفِظُوا.

أى: وكان الأنبياء والربانيون والأحبار شهداء على الكتاب الذي أنزله الله- وهو التوراة- بأنه حق، وكانوا رقباء على تنفيذ حدوده، وتطبيق أحكامه حتى لا يهمل شيء منها.

قال الفخر الرازي قوله: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ: حفظ كتاب الله على وجهين:


(١) تفسير ابن جرير ج ٦ ص ٣٩
(٢) تفسير القرطبي ج ٦ ص ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>