للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: ذلك الذي أعطيناه لهم من صفات كريمة فضل الله وإحسانه، يؤتيه من يشاء إيتاءه من عباده، والله- تعالى- واسع الفضل والجود والعطاء، عليم بأحوال خلقه، لا تخفى عليه خافية من شئونهم.

هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة: وجوب المجاهدة في سبيل إعلاء كلمة الله عن طريق قتال أعدائه- سبحانه- أو عن طريق الجهر بكلمة الحق، أو عن طريق إحقاق الحق وإبطال الباطل- دون أن يخاف المجاهد لومة لائم.

ولقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث في هذا المعنى ومن ذلك:

ما رواه الإمام أحمد عن أبى ذر: أمرنى خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرنى بحب المساكين والدنو منهم، وأمرنى أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقى، وأمرنى أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرنى أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرنى أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرنى أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرنى أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن كنز تحت العرش» .

وعن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده. فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو أن يذكر بعظيم» .

وعنه- أيضا- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه قالوا: وكيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: أن يرى أمر الله فيه مقال فلا يقول فيه. فيقال له يوم القيامة. ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول مخافة الناس. فيقول: إياى أحق أن تخاف» «١» .

وهناك أحاديث أخرى في هذا المعنى سوى التي ذكرها الإمام ابن كثير ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمنكرة. وأن لا ننازع الأمر أهله. وأن نقول بالحق حيثما كنا. لا نخاف في الله لومة لائم» «٢» .

ثم بين- سبحانه- من تجب موالاتهم، بعد النهى عن تولى من تجب معاداتهم فقال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ، وَهُمْ راكِعُونَ.

أى: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ المفيض عليكم كل خير، والمرجو وحده في الشدائد والكروب


(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٧٠.
(٢) أخرجه البخاري في باب كيف يبايع الإمام الناس من كتاب الأحكام ج ٩ ص ٩٦. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>