للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن قتادة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك، وبين يديه ناس من المنافقين فقالوا: يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها!! هيهات هيهات!.

فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «احبسوا على الركب» فأتاهم فقال لهم. قلتم كذا، قلتم كذا. فقالوا: «يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب» فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم ما تسمعون «١» .

وقال ابن إسحاق: كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت.. ومنهم رجل من أشجع حليف لبنى سلمة يقال له «مخشى بن حمير» يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك- فقال بعضهم- أتحسبون جلاد بنى الأصفر- أى الروم- كقتال العرب بعضهم؟

والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال، إرجافا وترهيبا للمؤمنين.

فقال مخشى بن حمير: والله لوددت أن أقاضى على أن يضرب كل منا مائة جلدة، وأننا ننجو أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني- لعمار بن ياسر- أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا. فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه.

فقال وديعة بن ثابت- ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته- يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب.

فقال مخشى بن حمير: يا رسول الله، قعد بن اسمى واسم أبى، فكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشى بن حمير، فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدا، لا يعلم مكانه.

فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر «٢» .

هذه بعض الآثار التي وردت في سبب نزول هذه الآيات، وهي توضح ما كان عليه المنافقون من كذب في المقال، وجبن عن مواجهة الحقائق.

ثم مضت السورة الكريمة بعد ذلك في تقرير حقيقة المنافقين، وفي بيان جانب من صفاتهم، والمصير السيئ الذي ينتظرهم فقال سبحانه وتعالى:


(١) تفسير ابن جرير ج ١٤ ص ٣٣٤.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>