أى: إذا كان الله- تعالى- هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فعليكم أن تخلصوا له العبادة، وأن تطلبوا مغفرته عما سلف منكم من ذنوب.
ثم تتوبوا إليه توبة صادقة: تجعلكم تندمون على ما كان منكم في الماضي من شرك وكفر، وتعزمون على التمسك بكل ما يرضى الله- تعالى- في المستقبل.
ثم فتح أمامهم باب الأمل في رحمة الله- تعالى- فقال: إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ.
أى: إن ربي قريب الرحمة من المحسنين، مجيب لدعاء الداعين المخلصين، فاقبلوا على عبادته وطاعته، ولا تقنطوا من رحمة الله.
ثم حكى القرآن ما رد به قوم صالح عليه فقال: قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا....
أى: قال قوم صالح له بعد أن دعاهم لما يسعدهم: يا صالح لقد كنت فينا رجلا فاضلا نرجوك لمهمات الأمور فينا لعلمك وعقلك وصدقك.. قبل أن تقول ما قلته، أما الآن وبعد أن جئتنا بهذا الدين الجديد فقد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في رأينا رجلا مختل التفكير.
فالإشارة في قوله قَبْلَ هذا إلى الكلام الذي خاطبهم به حين بعثه الله إليهم.
والاستفهام في قولهم أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا للتعجيب والإنكار.
أى: أجئتنا بدعوتك الجديدة لتنهانا عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا من قبلنا؟
لا، إننا لن نستجيب لك، وإنما نحن قد وجدنا آباءنا على دين وإننا على آثارهم نسير.
ثم ختموا ردهم عليه بقولهم: وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ.
ومريب: اسم فاعل من أراب. تقول: أربت فلانا فأنا أريبه، إذا فعلت به فعلا يوجب لديه الريبة أى: القلق والاضطراب.
أى: لن نترك عبادة الأصنام التي كان يعبدها آباؤنا، وإننا لفي شك كبير، وريب عظيم من صحة ما تدعونا إليه.
فانظر كيف قابل هؤلاء السفهاء الدعوة إلى الحق بالتصميم على الباطل، ولكن صالحا- عليه السلام- لم ييأس بل يرد عليهم بأسلوب حكيم فيقول:
قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي، وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً، فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ.
أى قال صالح- عليه السلام- لقومه: يا قوم أخبرونى إن كنت على حجة واضحة من ربي ومالك أمرى.