وجملة «إن كنتم مؤمنين» معترضة لبيان أن هذه الخيرية لا تتم إلا مع الإيمان.
أى: ما يبقيه الله لكم من الحلال ... هو خير لكم، إن كنتم مصدقين بما أرسلت به إليكم، أما إذا لم تكونوا كذلك فلن تكون بقية الله خيرا لكم، لأنها لا تكون إلا للمؤمنين، فاستجيبوا لنصيحتى لتسعدوا في دنياكم وآخرتكم.
وجملة «وما أنا عليكم بحفيظ» تحذير لهم من مخالفته بعد أن أدى ما عليه من بلاغ.
أى: وما أنا عليكم بحفيظ أحفظ لكم أعمالكم وأحاسبكم عليها، وأجازيكم بها الجزاء الذي تستحقونه. وإنما أنا ناصح ومبلغ ما أمرنى ربي بتبليغه، وهو وحده- سبحانه- الذي سيتولى مجازاتكم.
وإلى هنا نجد شعيبا- عليه السلام- قد أرشد قومه إلى ما يصلحهم في عقائدهم، وفي معاملاتهم، وفي صلاتهم بعضهم ببعض، وفي سلوكهم الشخصي، بأسلوب حكيم جامع لكل ما يسعد ويهدى للتي هي أقوم..
فماذا كان رد قومه عليه؟
لقد كان ردهم عليه- كما حكاه القرآن الكريم- طافحا بالاستهزاء به، والسخرية منه، فقد قالوا له: يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا، أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا، إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ.
أى: قال قوم شعيب له- على سبيل التهكم والاستهزاء-: يا شعيب أصلاتك- التي تزعم أن ربك كلفك بها والتي أنت تكثر منها- تأمرك أن نترك عبادة الأصنام التي وجدنا عليها آباءنا؟ والاستفهام للإنكار والتعجب من شأنه ...
وأسندوا الأمر إلى الصلاة من بين سائر العبادات التي كان يفعلها، لأنه- عليه السلام- كان كثير الصلاة، وكانوا إذا رأوه يصلى سخروا منه.
وجملة «أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء» إنكار منهم لترك ما تعودوه من نقص الكيل والميزان بعد إنكارهم لترك عبادة الأصنام.
أى: أصلاتك تأمرك أن نترك عبادة الأصنام، وتأمرك أن نترك ما تعودنا فعله في أموالنا من التطفيف في الكيل والميزان ...
إن كانت صلاتك تأمرك بذلك، فهي في نظرنا صلاة باطلة، لا وزن لها عندنا، بل نحن نراها لونا من ألوان جنونك وهذيانك..
وجملة «إنك لأنت الحليم الرشيد» زيادة منهم في السخرية منه- عليه السلام- وفي