وتفقدون: من الفقد، وهو غيبة الشيء عن الحس بحيث لا يعرف مكانه.
أى: قال إخوة يوسف بدهشة وفزع لمن ناداهم وأخبرهم بأنهم سارقون، قالوا لهم: ماذا تفقدون- أيها الناس- من أشياء حتى اتهمتمونا بأننا سارقون؟!!! وهنا رد عليهم المؤذن ومن معه من حراس: قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ أى: صاعه الذي يشرب فيه، ويكتال به للممتارين.
وَلِمَنْ جاءَ بِهِ أى بهذا الصاع، أو دل على سارقه.
حِمْلُ بَعِيرٍ من الطعام زيادة على حقه كمكافأة له.
وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أى: وأنا بهذا الحمل كفيل بأن أدفعه لمن جاءنا بصواع الملك.
ويبدو أن القائل لهذا القول هو المؤذن السابق، ولعله قد قال ذلك بتوجيه من يوسف- عليه السلام-.
وهنا نجد إخوة يوسف يردون عليهم ردا يدل على استنكارهم لهذه التهمة وعلى تأكدهم من براءتهم فيقولون: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ.
أى: قال إخوة يوسف للمنادى ومن معه الذين اتهموهم بالسرقة: تالله يا قوم، لقد علمتم من حالنا وسلوكنا وأخلاقنا، أننا ما جئنا إلى بلادكم، لكي نفسد فيها أو نرتكب ما لا يليق، وما كنا في يوم من الأيام ونحن في أرضكم لنرتكب هذه الجريمة، لأنها تضرنا ولا تنفعنا، حيث إننا في حاجة إلى التردد على بلادكم لجلب الطعام، والسرقة تحول بيننا وبين ذلك، لأنكم بسببها ستمنعوننا من دخول أرضكم، وهذه خسارة عظيمة بالنسبة لنا.
وهنا يرد عليهم المنادى وأعوانه بقولهم: قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ.
أى: قال المنادى وأعوانه لإخوة يوسف الذين نفوا عن أنفسهم تهمة السرقة نفيا تاما.
إذا فما جزاء وعقاب هذا السارق لصواع الملك في شريعتكم، إن وجدنا هذا الصواع في حوزتكم، وكنتم كاذبين في دعواكم أنكم ما كنتم سارقين.
فرد عليهم إخوة يوسف ببيان حكم هذا السارق في شريعتهم بقولهم: قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ.
والمراد بالجزاء: العقاب الذي يعاقب به السارق في شريعتهم، والضمير في قوله «جزاؤه» يعود إلى السارق.
أى: قال إخوة يوسف: جزاء هذا السارق الذي يوجد صواع الملك في رحله ومتاعه أن يسترق لمدة سنة، هذا هو جزاؤه في شريعتنا.