للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشوكانى ما ملخصه: وقوله «جزاؤه» مبتدأ، وقوله «من وجد في رحله» خبر المبتدأ.

والتقدير: جزاء السرقة للصواع أخذ من وجد في رحله- أى استرقاقه لمدة سنة-، وتكون جملة «فهو جزاؤه» لتأكيد الجملة الأولى وتقريرها. قال الزجاج وقوله «فهو جزاؤه» زيادة في البيان. أى: جزاؤه أخذ السارق فهو جزاؤه لا غير» «١» .

وقالوا «جزاؤه من وجد في رحله» ولم يقولوا جزاء السارق أو جزاء سرقته، للإشارة إلى كمال نزاهتهم، وبراءة ساحتهم من السرقة، حتى لكأن ألسنتهم لا تطاوعهم بأن ينطقوا بها في هذا المقام.

وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مؤكد لما قبله، أى مثل هذا الجزاء العادل، وهو الاسترقاق لمدة سنة، نجازي الظالمين الذين يعتدون على أموال غيرهم.

وقوله- سبحانه- فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ معطوف على كلام محذوف يفهم من المقام.

والتقدير: وبعد هذه المحاورة التي دارت بين إخوة يوسف وبين الذين اتهموهم بالسرقة أخبر الإخوة بتفتيش أمتعتهم للبحث عن الصواع بداخلها.

«فبدأ» المؤذن بتفتيش أوعيتهم، قبل أن يفتش وعاء «بنيامين» فلم يجد شيئا بداخل أوعيتهم.

فلما وصل إلى وعاء «بنيامين» وقام بتفتيشه وجد السقاية بداخله، فاستخرجها منه على مشهد منهم جميعا.

ويبدو أن هذا الحوار من أوله كان بمشهد ومرأى من يوسف- عليه السلام- وكان أيضا بتدبير وتوجيه منه للمؤذن ومن معه، فهو الذي أمر المؤذن بأن ينادى «أيتها العير إنكم لسارقون» ، وهو الذي أشار عليه بأن يسألهم عن حكم السارق في شريعتهم، وهو الذي أمره بأن يبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل أن يفتش وعاء شقيقه «بنيامين» دفعا للتهمة، ونفيا للشبهة ...

روى أنه لما بلغت النوبة إلى وعاء «بنيامين» لتفتيشه قال يوسف- عليه السلام-:

ما أظن هذا أخذ شيئا؟ فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا» «٢» .


(١) تفسير فتح القدير للإمام الشوكانى ج ٣ ص ٤٣. [.....]
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٣ ص ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>