للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» .

وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا أحمد بن إسحاق ... عن أبى هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد قال: «سبحان من يسبح الرعد بحمده» «١» .

وقوله- سبحانه- وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ نوع رابع من الأدلة الدالة على وحدانية الله وقدرته. أى ويسبح الرعد بحمد الله، ويسبح الملائكة- أيضا- بحمد الله، خوفا منه- تعالى- وإجلالا لمقامه وذاته.

ومِنْ في قوله- تعالى- مِنْ خِيفَتِهِ للتعليل، أى: يسبحون لأجل الخوف منه. وقوله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ نوع خامس من الظواهر الكونية الدالة على كمال قدرته- سبحانه-.

والصواعق جمع صاعقة، وهي- كما يقول ابن جرير- كل أمر هائل رآه الرائي أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وذهاب عقل ... » «٢» .

والمراد بها هنا: النار النازلة من السماء.

أى ويرسل- سبحانه- الصواعق المهلكة فيصيب بها من يشاء إصابته من خلقه.

وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها: أنها نزلت في رجل من طواغيت العرب، بعث النبي صلى الله عليه وسلم نفرا يدعونه إلى الإسلام، فقال لهم: أخبرونى عن رب محمد ما هو، أمن فضة أم من حديد؟.

فبينا النفر ينازعونه ويدعونه إذا ارتفعت سحابة فكانت فوق رءوسهم فرعدت وأبرقت ورمت بصاعقة فأهلكت الكافر وهم جلوس.

فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلهم بعض الصحابة فقالوا لهم: احترق صاحبكم؟

فقالوا: من أين علمتم؟ قالوا: أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ «٣» .

وضمير الجماعة في قوله وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ يعود إلى أولئك


(١) تفسير ابن كثير المجلد الرابع ص ٣٦٣.
(٢) تفسير ابن جرير ج ١ ص ٢٩٠.
(٣) تفسير القرطبي ج ٩ ص ٩٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>