للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرين الذين سبق أن ساق القرآن بعض أقوالهم الباطلة، والتي منها قولهم: أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.

والمجادلة: المخاصمة والمراجعة بالقول.

والمراد بمجادلتهم في الله: تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به من وجوب إخلاص عبادتهم لله- تعالى- وإيمانهم بيوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب.

والمحال: الكيد والمكر، والتدبير والقوة، والعقاب ... يقال: محل فلان بفلان- بتثليث الحاء- محلا ومحالا، إذا كاده وعرضه للهلاك.

قال القرطبي: قال ابن الأعرابى: المحال المكر وهو من الله- تعالى- التدبير بالحق أو إيصال المكروه إلى من يستحقه من حيث لا يشعر.

وقال الأزهرى: المحال: أى القوة والشدة.

وقال أبو عبيد: المحال: العقوبة والمكروه» «١» .

أى: أن هؤلاء الكافرين يجادلونك- أيها الرسول في ذات الله وفي صفاته، وفي وحدانيته، وفي شأن البعث، وينكرون ما جئتهم به من بينات والحال أن الله- تعالى- شديد المماحلة والمكايدة والمعاقبة لأعدائه.

قال- تعالى-: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ «٢» .

ثم بين- سبحانه- أن دعوته هي الدعوة الحق، وما عداها فهو باطل ضائع فقال:

لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ أى: له وحده- سبحانه- الدعوة الحق المطابقة للواقع، لأنه هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وهو الحقيق بالعبادة والالتجاء.

فإضافة الدعوة إلى الحق من إضافة الموصوف إلى صفته، وفي هذه الإضافة إيذان بملابستها للحق، واختصاصها به، وأنها بمعزل عن الباطل.

ومعنى كونها له: أنه- سبحانه- شرعها وأمر بها.

قال الشوكانى: قوله: «له دعوة الحق» إضافة الدعوة إلى الحق للملابسة. أى:

الدعوة الملابسة للحق، المختصة به التي لا مدخل للباطل فيها بوجه من الوجوه.


(١) راجع تفسير القرطبي ج ٩ ص ٢٩٩.
(٢) سورة النمل الآيتان ٥٠، ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>