للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى لا يقول بعض الناس: إنما استخدم آباؤنا الأنعام والخيل والبغال والحمير، فلا نستخدم سواها، وإنما نص القرآن على هذه الأصناف فلا نستخدم ما عداها.

ولقد جدت وسائل للحمل والنقل والركوب والزينة، لم يكن يعلمها أهل ذلك الزمان، وستجد وسائل أخرى لا يعلمها أهل هذا الزمان: والقرآن يهيئ لها القلوب والأذهان، بلا جمود ولا تحجر، «ويخلق مالا تعلمون» «١» .

وبعد أن بين- سبحانه- دلائل وحدانيته وقدرته، عن طريق خلق السموات والأرض والإنسان والدواب.. أتبع ذلك ببيان أنه- عز وجل- كفيل بالإرشاد إلى الطريق المستقيم لمن يتجه إليه فقال- تعالى-: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ، وَمِنْها جائِرٌ، وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ.

والقصد: الاستقامة. والسبيل: الطريق والقصد منه: هو المستقيم الذي لا اعوجاج فيه. يقال: سبيل قصد وقاصد، أى: مستقيم. قال الشاعر:

ومن الطريقة جائر وهدى ... قصد السبيل، ومنه ذو دخل

قال الجمل ما ملخصه: «وعلى الله» أى: تفضلا «قصد السبيل» على تقدير مضاف، أى: وعلى الله بيان قصد السبيل. وهو بيان طريق الهدى من الضلالة، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، والقصد مصدر يوصف به. يقال: سبيل قصد وقاصد أى: مستقيم، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه. والمراد بالسبيل: جنسه..» «٢» .

والضمير في قوله «ومنها جائر» يعود إلى السبيل. والجائر: المائل عن الاستقامة، المنحرف عن الجادة وهو صفة لموصوف محذوف. أى: ومنها سبيل جائر.

أى: وعلى الله- تعالى- وحده، تفضلا منه وكرما، بيان الطريق المستقيم وهو طريق الحق، الذي يوصل من سلكه إلى السعادة في الدنيا والآخرة.

وهذا الطريق الحق: هو الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم.

ومن الطريق ما هو حائد عن الاستقامة، وهو كل طريق يخالف ما جاء به خاتم الرسل، صلّى الله عليه وسلم من عقائد وشرائع وآداب.


(١) في ظلال القرآن ج ١٤ ص ٢١٦١.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٦١. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>