للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وقيل إن هذه الحروف قد جاءت هكذا فاصلة للدلالة على انقضاء سورة وابتداء أخرى.

٣- وقيل: إنها حروف مقطعة، بعضها من أسماء الله- تعالى- وبعضها من صفاته، فمثلا الم أصلها: أنا الله أعلم.

٤- وقيل: إنها اسم الله الأعظم. إلى غير ذلك من الأقوال التي لا تخلو من مقال، والتي أوصلها السيوطي في «الإتقان» إلى أكثر من عشرين قولا.

٥- ولعل أقرب الآراء إلى الصواب أن يقال: إن هذه الحروف المقطعة قد وردت في افتتاح بعض السور للإشعار بأن هذا القرآن الذي تحدى الله به المشركين هو من جنس الكلام المركب من هذه الحروف التي يعرفونها، ويقدرون على تأليف الكلام منها، فإذا عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله، فذلك لبلوغه في الفصاحة والحكمة مرتبة يقف فصحاؤهم وبلغاؤهم دونها بمراحل شاسعة، وفضلا عن ذلك فإن تصدير السور بمثل هذه الحروف المقطعة يجذب أنظار المعرضين عن استماع القرآن حين يتلى عليهم إلى الإنصات والتدبر، لأنه يطرق أسماعهم في أول التلاوة ألفاظ غير مألوفة في مجاري كلامهم، وذلك مما يلفت أنظارهم ليتبينوا ما يراد منها، فيستمعوا حكما وحججا قد تكون سببا في هدايتهم واستجابتهم للحق.

هذه خلاصة لآراء العلماء في الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض السور القرآنية، ومن أراد مزيدا لذلك فليرجع- مثلا- إلى كتاب «الإتقان» للسيوطي، وإلى كتاب «البرهان» للزركشى، وإلى تفسير الآلوسي.

ثم قال- تعالى-: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.

ذلِكَ اسم إشارة واللام للبعد حقيقة في الحس، مجازا في الرتبة، والكاف للخطاب، والمشار إليه- على الراجح- الكتاب الموعود به صلّى الله عليه وسلّم في قوله- تعالى- إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أخبرنى عن تأليف ذلِكَ الْكِتابُ مع الم قلت:

إن جعلت الم اسما للسورة ففي التأليف وجوه. أن يكون الم مبتدأ وذلِكَ مبتدأ ثانيا، والْكِتابُ خبره. والجملة خبر المبتدأ الأول.

ومعناه أن ذلك الكتاب هو الكتاب الكامل، كأن ما عداه من الكتب في مقابلته ناقص، وأنه الذي يستأهل أن يسمى كتابا، كما تقول: هو الرجل، أى: الكامل في الرجولية، الجامع لما يكون في الرجال من مرضيات الخصال.

<<  <  ج: ص:  >  >>