وإن جعلت الم بمنزلة الصوت، كان «ذلك» مبتدأ خبره «الكتاب» ، أى: ذلك الكتاب المنزل هو الكتاب الكامل «١» ... اهـ ملخصا.
وقيل: المشار إليه الم على أنه اسم للسورة والمراد المسمى.
والْكِتابُ مصدر كتب كالكتب، وأصل الكتب ضم أديم إلى أديم بالخياطة. واستعمل عرفا في ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط، وأريد به هنا المنظوم عبارة قبل أن تنظم حروفه التي يتألف منها في الخط، تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه.
و (الريب) في الأصل مصدر رابه الأمر إذا حصل عنده فيه ريبة، وحقيقة الريبة، قلق النفس واضطرابها، ثم استعمل في معنى الشك مطلقا. وقال ابن الأثير: الريب هو الشك مع التهمة.
و (هدى) . مصدر هداه هدى وهداية وهدية- بكسرها- فهدى، ومعناه الدلالة الموصلة إلى البغية، وضده الضلال.
و (المتقون) جمع متق، اسم فاعل من اتقى وأصله اوتقى- بوزن افتعل- من وقى الشيء وقاية، أى: صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه.
والمعنى: ذلك الكتاب الكامل، وهو القرآن الكريم، ليس محلا لأن يرتاب عاقل أو منصف في أنه منزل من عند الله، وأنه هداية وإرشاد للمتقين الذين يجتنبون كل مكروه من قول أو فعل، حتى يصونوا أنفسهم عما يضرها ويؤذيها.
وكانت الإشارة بصيغة البعيد، لأنه سامى المنزلة أينما توجهت إليه، فإن نظرت إليه من ناحية تراكيبه فهو معجز للبلغاء، وإن نظرت إليه من ناحية معانيه فهو فوق مدارك الحكماء، وإن نظرت إليه من ناحية قصصه وتاريخه فهو أصدق محدث عن الماضين، وأدق محدد لتاريخ السابقين، فلا جرم أن كانت الإشارة في الآية باستعمال اسم الإشارة للبعيد لإظهار رفعة شأن هذا القرآن، وقد شاع في كلام البلغاء تمثيل الأمر الشريف بالشيء المرفوع في عزة المنال، لأن الشيء النفيس عزيز على أهله، فمن العادة أن يجعلوه في مكان مرتفع بعيد عن الأيدى.
وصحت الإشارة إلى الكتاب وهو لم ينزل كله بعد، لأن الإشارة إلى بعضه كالإشارة إلى الكل حيث كان بصدد الإنزال، فهو حاضر في الأذهان، فشبه بالحاضر في العيان.
ونفى عنه الريب على سبيل الاستغراق مع وقوع الريب فيه من المشركين حيث وصفوه بأنه