للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الآلوسى: قوله إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: إن كنتم من أهل العلم والتمييز. فالفعل منزل منزلة اللازم. وقيل: متعد، والمفعول محذوف، وهو فضل ما بين العوضين، والأول أبلغ ومستغن عن التقدير «١» .

ثم أضاف- سبحانه- إلى ترغيبهم في العمل بما يرضيه ترغيبا آخر فقال: ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ.

أى: ما عندكم من متاع الدنيا وزهرتها يفنى وينقضي ويزول، وما عند الله- تعالى- في الآخرة من عطاء باق لا يفنى ولا يزول، فآثروا ما يبقى على ما ينفد. يقال: نفد الشيء بكسر الفاء- ينفد- بفتحها- نفادا ونفودا، إذا ذهب وفنى.

ثم بشر- سبحانه- الصابرين على طاعته بأعظم البشارات فقال: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

أى: ولنجزين الذين صبروا على طاعتنا، واجتنبوا معصيتنا، ووفوا بعهودنا، بجزاء أفضل وأكرم مما كانوا يعملونه في الدنيا من خيرات وطاعات.

وأكد- سبحانه- هذه البشارة بلام القسم، ونون التوكيد، لترغيبهم في الثبات على فضيلة الصبر، وعلى الوفاء بالعهد.

قال الجمل ما ملخصه: وقوله أَجْرَهُمْ مفعول ثان لنجزى. وقوله بِأَحْسَنِ نعت لمحذوف، أى: بجزاء أحسن من عملهم الذي كانوا يعملونه في الدنيا، والباء بمعنى على «٢» .

ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين الذين يحرصون على العمل الصالح فقال- تعالى-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.

أى: من عمل عملا صالحا، بأن يكون خالصا لوجه الله- تعالى- وموافقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم سواء أكان هذا العامل المؤمن ذكرا أم أنثى، فلنحيينه حياة طيبة، يظفر معها بصلاح البال، وسعادة الحال.

وقال- سبحانه-: مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى مع أن لفظ «من» في قوله: مَنْ عَمِلَ


(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٢٢٤.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>