للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتناول الذكور والإناث للتنصيص على النوعين، حتى يكون أغبط لهما، ولدفع ما قد يتوهم من أن الخطاب للذكور وحدهم.

ولذا قال صاحب الكشاف: فإن قلت «من» متناول في نفسه للذكر والأنثى فما معنى تبيينه بهما؟ قل: هو مبهم صالح على الإطلاق للنوعين، إلا أنه إذا ذكر كان الظاهر تناوله للذكور، فقيل «من ذكر أو أنثى» على التبيين ليعم الوعد النوعين جميعا «١» .

وقيد- سبحانه- العامل بكونه مؤمنا فقال: وَهُوَ مُؤْمِنٌ لبيان أن العمل لا يكون مقبولا عند الله- تعالى- إلا إذا كان مبنيا على العقيدة الصحيحة، وكان صاحبه يدين بدين الإسلام، وقد أوضح القرآن هذا المعنى في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً «٢» .

والمراد بالحياة الطيبة في قوله- تعالى-: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً الحياة الدنيوية التي يحياها المؤمن إلى أن ينقضي أجله.

قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: هذا وعد من الله- تعالى- لمن عمل صالحا من ذكر أو أنثى، بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا.. والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أى جهة كانت. وقد روى عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال، وعن على بن أبى طالب أنه فسرها بالقناعة.

والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه «٣» » .

وقيل المراد بالحياة الطيبة هنا: الحياة الأخروية، وقد صدر الشيخ الآلوسى تفسيره بهذا الرأى فقال ما ملخصه: قوله- تعالى-: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً والمراد بالحياة الطيبة التي تكون في الجنة، إذ هناك حياة بلا موت، وغنى بلا فقر، وصحة بلا سقم، وسعادة بلا شقاوة.. فعن الحسن: لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة.

وقال شريك: هي حياة تكون في البرزخ.. وقال غير واحد هي في الدنيا «٤» .


(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٢٧.
(٢) سورة الفرقان الآية ٢٣.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٥٨٥.
(٤) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>